كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 1)

ومن أطرف ما قيل في الليالي الطيبة قول ابن المعتز:
(تلتقطُ الأنفاسُ بردَ الندى ... فيهِ فتهديهِ لحرَ الهمومِ)
وقلت:
(وقد غَدوْتُ وصبغُ الليلِ منتقصٌ ... وغرَّة الصبحِ مصقولٌ حواشيها)
(وغربت أنجمُ الظلماءِ وانحَدرَتْ ... فشالَ أرجلها وأنحطَ أيديها)
فأما أجود ما قيل في الشمس مما أنشدناه أبو القاسم عن عبد الوهاب عن العقدي عن أبي جعفر عن ابن الأعرابي قديماً في صفة الشمس فقال وهو أحسن وأتم ما قالته العرب فيها:
(مخبأةٌ أما إذا الليلُ جنّها ... فتخفى وأما بالنهارِ فتظهرُ)
(إذا انشقَ عنها ساطعُ الفجرِ فانجلى ... دُجى الليل وانجابَ الحجابُ المستر)
(وألبس عرضَ الأرضِ لوناً كأنه ... على الأفق الشرقيِّ ثوبٌ معصفرٌ)
(ولونِ كدرعِ الزَّعفرانِ مشبه ... شعاع يلوحُ فهو أزهرُ أصفرُ)
(إلى أن علتْ وأبيضَ عنها اصفرارُها ... وجالتْ كما جالَ المليحُ المشهر)
(ترى الظلّ يطوى حينَ تعلو وتارةً ... تراهُ إذا مالتْ إلى الأرض ينشر)
(وتدنف حتى ما يكاد شعاعها ... يبينُ إذا ولتْ لمن يتبصرُ)
(وأفنت قروناً وهي في ذاك لم تزل ... تموتُ وتحيا كلَّ يومٍ وتنشرُ)
وأنشدناه أيضاً أبو أحمد عن الصولي عن علي بن الصباح عن ابن أبي محلم على غير ما تقدم هنا أخذ ابن الرومي قوله:
(وقد جعلت في مجنح الليل تمرض ... )
ومن بديع ما قيل في انقلابها عند الغروب قول الراجز:
(صبَ عليه قانصٌ لما غفل ... والشمسُ كالمرآة في كف الأشل ... )
ونحوه قول أبي النجم
(وصارت الشمس كعين الأحول)
ولأعرابية تذكر السحاب:
(تطالعني الشمسُ من دونها ... طلاع فتاة تخافُ اشتهارا)
(تخافُ الرقيبَ على سرِّها ... وتحذرُ من زوجها أن يغارا)

الصفحة 359