كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 1)

صفحة رقم 100
على غيرها ، ولذا أخذ كثير من الصحابة رضي الله عنهم عن أهل الكتاب .
فإن فهم أحد من الشافعية منع أئمتهم من قراءة شيء من الكتب القديمة مستنداً إلى قول الإمام أبي القاسم الرافعي في شرحه : وكتب التوراة والإنجيل مما لا يحل الانتفاع به ، لأنهم بدلوا وغيروا ، وكذا قال غيره من الأصحاب ؛ قيل له : هذا مخصوص بما علم تبديله ، بدليل أن كل من قال ذلك علل بالتبديل فدار الحكم معه ، ونص الشافعي ظاهر في ذلك ، قال المزني في مختصره في باب جامع السير : وما كان من كتبهم أي الكفار فيه طب وما لا مكروه فيه بِيعَ وما كان فيه شرك أبطل وانتفع بأوعيته .
وقال في الأم في سير الواقدي في باب ترجمته كتب الأعاجم قال الشافعي : وما وجد من كتبهم فهو مغنم كله ، وينبغي للإمام أن يدعو من يترجمه ، فإن كان علماً من طب أو غيره لا مكروه فيه باعه كما يبيع ما سواه من المغانم ، وإن كان كتاب شرك شقوا الكتاب فانتفعوا بأوعيته وأداته فباعها ، ولا وجه لتحريقه ولا دفته قبل أن يعلم ما هو - انتهى .
فقوله في الأم : كتاب شرك ، مفهم لأنه كله شرك ، ولهذا عبر المزني عن ذلك بقوله : وما كان فيه شرك ، أي في أبواب الكتاب وفصوله ، وأدل من ذلك قولهم في باب الأحداث : إن حكمها في مس المحدث حكم ما نُسِخَتْ تلاوته من القرآن في أصح الوجهين ، والتعبير بالأصح على ما صاطلحوا عليه يدل على أن الوجه القائل بحرمة مس المحدث وحمله لها قوى ، وأدل من ذلك ما ذكره محرر المذهب الشيخ محيي الدين النواوي رحمه الله في مسائل ألحقها في آخر باب الأحداث من شرح المهذب وأقرّه أن المتولي قال : فإن ظن أن فيها شيئاً غير مبدل كُرِه مسه - انتهى .
فكراهة المس للاحترام ، والاحترام فرع جواز الإبقاء والانتفاع بالقراءة ، وأصرح من ذلك كله قول

الصفحة 100