كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 1)

صفحة رقم 102
ذلك تصنيفاً حسناً سميته ( الأقوال القويمة في حكم النقل من الكتب القديمة ) .
تنبيه : اعلم أن التوراة ثلاث نسخ مختلفة اللفظ متقاربة المعنى إلا يسيراً : إحداها تسمى توراة السبعين ، وهي التي اتفق عليها اثنان وسبعون حبراً من أحبارهم ؛ وذلك أن بعض اليونان من ملوك مصر سأل بعض ملوك اليهود ببيت المقدس أن يرسل إليه عدداً من حفاظ التوراة ، فأرسل إليه اثنين وسبعين حبراً ، فأخلى كل اثنين منهم في بيت ووكل بهم كتّاباً وتراجمة ، فكتبوا التوراة بلسان اليونان ، ثم قابل بين نسخهم الستة والثلاثين فكانت مختلفة اللفظ متحدة المعنى ، فعلم أنهم صدقوا ونصحوا ، وهذه النسخة ترجمت بعد بالسرياني ثم بالعربي وهي في أيدي النصارى ؛ والنسخة الثانية نسخة اليهود من الربانيين والقائين ، والنسخة الثالثة نسخة السامرة ؛ وقد نبه على مثل ذلك الإمام السمرقندي في الصحائف واستشهد بكثير من نصوص التوراة على كثير من مسائل أصول الدين ، وكذا الشيخ سعد الدين التفتازاني في شرح المقاصد والقاضي عياض في كتاب الشفاء وغيرهم .
ثم اعلم أن أكثر ما ذكرته في كتابي هذا من نسخة وقعت لي لم أدر اسم مترجمها .
على حواشي فصولها الأوقات التي تقرأ فيها ، فالظاهر أنها نسخة اليهود وهي قديمة جداً ، فكان في الورقة الأولى منها محو في أطراف الأسطر فكملته من نسخة السبعين ، ثم قابلت نسختي كلها مع بعض اليهود الربانيين على ترجمة سعيد الفيومي وهي عندهم أحسن التراجم لو كان هو القارئ ، فوجدت نسختي أقرب إلى حقائق لفظ العبراني ومترجمها أقعد من سعيد في لغة العرب ، هذا وظاهر القرآن في قوله تعالى :
77 ( ) فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ( ) 7
[ الحجر : 29 ] أن الأمر بالسجود له كان قبل إتمام خلقه وأن السجود كان عقب النفخ ، وبه صرح البغوي في تفسيره ، وأجاب عن قوله تعالى في سورة الأعراف
77 ( ) ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ( ) 7
[ الأعراف : 11 ] بأجوبة ، منها أن الخلق والتصوير لآدم وحده ، وذكره بضمير الجمع لأنه أبو البشر فخلقه خلقهم وتصويره تصويرهم ؛ ومنها أن ( ثم ) بمعنى الواو ليست للترتيب - انتهى .
والتصوير شق السمع والبصر والأصابع - قاله يمان ، والتسوية تعديل الخلق وإتمامه وتهيئته لنفخ الروح ، ويمكن أن يكون ) خلقناكم ( وما

الصفحة 102