كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 1)
صفحة رقم 12
بعد وصولي إلى سورة سبأ في السنة العاشرة من ابتدائي في عمل هذا الكتاب أن اسم
كل سورة مترجم عن مقصودها هلأن أسم كل شيء تظهر المناسبة بينه وبين مسماه عنوانه الدال إجمالا على تفصيل ما فيه ، وذلك هو الذي أنبأ به آدم عليه الصلاة والسلام عند العرض على المالئكة عليهم الصلاة والسلام ، ومقضود كل سورة هاد إلى تناسبها ، مقثصود السورة ، ولا أخرج عن معاني كلماتها ، فالفاتحة أسمها " أم الكتاب " " والأساسا " " والمثاني " " والكنز " و " الشافية " و " الكافية " و " الوزافية " و " الواقية " و " الرقية " و " الحمد " و " الشكر " و " الدعاء " و " الصلاة " فمدار هذه الأسماء كما ترى على أمر خفي كاف لكل مراد وهو المراقبة التي سأقول إنها مقصودها فكل شيء لا يفتتح بها لا اعتداد به ، وهي كنز لكل شيء شافية لكل داء ، كافية لكل هم ، وافية بكل مرام ، واقية من كل سوء رقية لكل ملم ، وهي إثبات للحمد الذي هو الإحاطة بصفات الكمال ، وللشكر الذي هوز تعظيم المنعم ، وهي عين الدعاء فإنه التوجه إلى المدعو ، وأعظم مجامعها الصلاة .
إذا تقررت ذلك فالغرض الذي سبقت له الفاتحة وه إثبات استحقاق الله تعالى لجميع المحامد وصفا الكمال ، واختصاصه بملك الدنيا والآخرة ، وباستحقاق العبادة والاستعانة ، بالسؤال في المن بإلزام صراط الفائزين والإنقاذ من طريق الهالكين مختصا بذلك كله ، ومدار ذلك كله مراقبة العباد لربهم ، لإفراده بالعبادة ، نفهو مقصود الفاتحة بالذات وغيره وسائل إليه ، فإنه لا بد في ذلك من إثبات إحاطته تعالى بكل شيء ولن يثبت حتى يعلم أنه المختص بأنه الخالق اللملك المالك ، لأن المقصود منت إرسال الرسل وإنزال الكتب نصب الشرائع ، والمقصود من نصب الشرائع جمع الخلق على الحق والمقصود من جمعهم تعريفهم الملك وبما يرضيه ، وهو مقصود القرآن الذي انتظمته الفاتحة بالقصد الأول ، ولن يكون ذلك إلا بما ذكر علما وعملا ، ولما كان المقصود من جمعهم على الله تعالى معرفته لأجل عباداته وكان اتزام اسمه تعالى في كل حركة وسكون قائدا إلى مراقبته وداعيا إلى مخافته واعتقاد أن مصادر الأمور ومواردها منه وإليه شرعت التسمية أول كل شيء فصدرت بها الفاتحة. وقد التعود الذي هو من درء المفاسد تعظيما للقرآن بالإشارة إلى أن يتعين لتاليه أن يجتهد في تصفية سره وجمع متفرق أمره ، لينال سؤله ومراده مما أودعه من خزائن السعادة بإعراضه عن العدو الحسود وإقباله على الولي الودود ، ومن هنا تعرف مناسبة المعوذتين بالفاتحة. ولما افتتح التعوذ بالهمزة أشارة إلى ابتداء الخلق وختم بالميم إيماء إلى المعاد جعلت البسملة كلها للمعاد لأبتدائها بحرف شفوي ، وختام أول كلماتها ومآخرها بآخر إشارة إلى أن
الصفحة 12
568