كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 1)

صفحة رقم 14
الصلوات الخمس وركعة الوتر اللاتي من أعظم العبادات الكبرى. ولما كانت البسملة نوعا من الحمد ناسب كل المناسبة تعقيبها باسم الحمد ةالكلي الجامع لجميع أفراده فكأنه قبل : احمدوه لأنه المستحق لجميع المحامد ، وخصوا هذا النوع من الحمد في افتتاح أموركم لما ذكر من استشعار الرغبة إليع والرهبة منه المؤدي إلى لزوم طريق الهدى ، والله الموفق. ولما أثبت بقوله : ( الحمد لله ( أنه المستحق لجميع المحامد لا لشىء غير ذاته الحائز لجميع الكمالات أشار إلى أنه يستحقه أيضاًمن حيث كونه رباًمالكاًمنعماًفقال : ( رب ( وأشار بقوله : ( العالمين ( إلى ابتداء الخلق تنبيهاًعلى الاستدلالات نالموضوع على الصانع وبالبداءة غلى الإعادة كما ابندأالتوراة بذلك لذلك قال الحرالي : و ) الحمد ( المدح الكامل الذي يحيط بجميع الأفعال والأوصاف ، على أن جميعها إنما هو من الله سبحانه ةتعالى وأنه كله مدح لا يتطرق إلى ذم ، فإذا اضمحل ازدواج المدح بالذم وعلم سريان المدح في الكل استحق عند ذلك ظهور اسم الحمد مكملاًمعرفاً بكلمة ( أل ) وهي كلمة دالة فيما اتصلت به على انتهائه وكماله. انتهى .
ولما كانت مرتبة الربوبية لا تستجمع الصلاح إل بالرحمة اتبع ذلك بصفتي ) الرحمن الرحيم ( ترغبياًفي لزوم حمده ، وهي تتضمن تثنية تفصيل ما شمله الحمد أصلاً ؛ وسيأتي سر لتكرير هاتين الصفتين في الأنعام عند
77 ( ) فكلوا مما ذكر اسم الله عليه ( ) 7
[ الأنعام : 118 ] عن الإمام حجة الإسلام الغزالي رحمه الله تعالى أنه لا مكرر في القرآن .
ولما كان الرب المنعوت بالرمحة قد لايكون مالكاًوكانت الربوبية لاتتم إلا بالمِلك المفيد للعزة المقرون بابلهيبة المثمرة للبطش والقهر المنتج لنفذ الأمر اتبع ذلك بقوله : ( مالك يوم الدين ( ترهبياًمن سطوات مجده. قال الحرالّي : ولايوم مقدار ما يتم فيه أمر ظاهر ، ثم قال : و ) يوم الدين ( في الظاهر هو يوم الحشر إلى خلود فالأبد ، وهوفي الحقيقة تسقط دعوى المدعين ، وهو من أول يوم الحشر إلى الخلود فا لأبد ، وهو في الحقيقة من أول يوم نفوذ الجزاء عند مقارنة الذنب في باطن العامل أثر العمل إلى أشد انهائه في ظاهره ، لأن الجزاء لا يتاخر عن الذنب وإنما يخفى لوقوعه في الباطن وتأخره عن معرفة ظهور في الظاهر ، ولذلك يؤثر عنه عليه الصلاة والسلام : ( إن العبد إذا أذنب نكت في قلبه نكتة سوداء ) وأيضا ًفكل عقاب يقع في الدنيا على أيدي الخلق فإنما هو

الصفحة 14