كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 1)

صفحة رقم 531
بقاؤه في الدنيا بخرق لا بعقل ، يقبل في محل الإدبار ويدبر في محل الإقبال انتهى .
وهو مؤيد بالمشاهدة فإنا لم نر ولم نسمع قط بآكل ربا ينطق بالحكمة ولا يشهر بفضيلة بل هم أدنى الناس وأدنسهم ) إلا كما يقوم ( المصروع ) الذي يتخبطه ) أي يتكلف خبطه ويكلفه إياه ويشق به عليه ) الشيطان ( ولما كان ذلك قد يظن أنه يخبط الفكر بالوسوسة مثلاً قال : ( من ) أي تخبطاً مبتدئاً من ) المس ) أي الجنون ، فأشار سبحانه وتعالى بذلك إلى المنع من أن تكون النفقة من حرام ولا سيما الربا ، وإلى أن الخبيث المنهي عن تيمم إنفاقه قسمان : حسي ومعنوي ، والنهي في المعنوي أشد .
وقال البيضاوي تبعاً للزمخشري : وهو أي التخبط والمس وارد على ما يزعمون أي العرب أن الشيطان يخبط الإنسان فيصرع وأن الجني يمسه فيختلط عقله - انتهى .
وظاهره إنكار ذلك وليس بمنكر بل هو الحق الذي لا مرية فيه ، قال المهدوي في تفسيره : وهذا دليل على من أنكر أن الصرع من جهة الجن وزعم أنه فعل الطبائع .
وقال الشيخ سعد الدين التفتازاني في شرح المقاصد : وبالجملة فالقول بوجود الملائكة والجن والشياطين مما انعقد عليه إجماع الآراء ونطق به كلام الله سبحانه وتعالى وكلام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وحكي مشاهدة الجن عن كثير من العقلاء وأرباب المكاشفات من الأولياء ، فلا وجه لنفيها ؛ وقال : الجن أجسام لطيفة هوائية تتشكل بأشكال مختلفة ويظهر منها أحوال عجيبة ، والشياطين أجسام نارية شأنها إلقاء الناس في الفساد والغواية ؛ ولكون الهواء والنار في غاية اللطافة والتشفيف كانت الملائكة والجن والشياطين يدخلون المنافذ الضيقة حتى أجواف الناس ولا يرون بحس البصر إلا إذا اكتسبوا من الممتزجات - انتهى .
وقد ورد في كثير من الأحاديث عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أن ( الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ) وورد ( أنه ( صلى الله عليه وسلم ) أخرج الصارع من الجن من جوف المصروع في صورة كلب ) ونحو ذلك ؛ وفي كتب الله سبحانه وتعالى المتقدمة ما لا يحصى من مثل

الصفحة 531