كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 1)
صفحة رقم 532
ذلك ، فأما مشاهدة المصروع يخبر بالمغيبات وهو مصروع غائب الحس ، وربما كان يلقى في النار وهو لا يحترق ، وربما ارتفع في الهواء من غير رافع ، فكثير جداً لا يحصى مشاهدوه - إلى غير ذلك من الأمور الموجبة للقطع أن ذلك من الجن أو الشياطين ؛ وها أنا أذكر لك من أحاديث النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ثم من كتب الله القديمة ما فيه مقنع لمن تدبره - والله سبحانه وتعالى الموفق : روى الدارمي في أوائل مسنده بسند حسن عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : ( أن امرأة جاءت بابن لها إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقالت : يا رسول الله إن ابني به جنون وإنه يأخذه عند أغدائنا وعشائنا فيخبث علينا ، فمسح رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) صدره ودعا فثعّ ثعة وخرج من صدره مثل الجرو الأسود ) فثعّ ثعة بمثلثة ومهملة أي قاء وللدارمي أيضاً وعبد بن حميد بسند صحيح حسن أيضاً عن جابر رضي الله تعالى عنه قال : ( خرجت مع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في سفر فركبنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ورسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بيننا كأنما على رؤوسنا الطير تظلنا ، فعرضت له امرأة معها صبي لها فقالت : يا رسول الله إن ابني هذا يأخذه الشيطان كل يوم ثلاث مرار ، فتناول الصبي فجعله بينه وبين مقدم الرحل ثم قال : ( اخسأ عدو الله أنا رسول الله ثلاثاً ثم دفعه إليها ( وأخرجه الطبراني من وجه آخر وبين أن السفر غزوة ذات الرقاع وأن ذلك في حرة واقم ، قال جابر : ( فلما قضينا سفرنا مررنا بذلك المكان بذلك المكان فعرضت لنا المرأة ومعها صبيها ومعها كبشان تسوقهما فقالت : يا رسول الله اقبل مني هديتي ، فوالذي بعثك بالحق ما عاد إليه بعد ذلك فقال : خذوا منها واحداً وردوا عليها الآخر ( وروى البغوي في شرح السنة عن يعلى بن مرة رضي الله تعالى عنه .
وفي الإنجيل من ذلك كثير جداً ، قال في إنجيل متى ولوقا ومُرقُس يزيد أحدهم على الآخر وقد جمعت بين ألفاظهم : وجاء يعني عيسى عليه الصلاة والسلام إلى عبر البحر إلى كورة الجرجسيين ، وقال في إنجيل لوقا : التي هي مقابل عبر الجليل ، فلما خرج من السفينة استقبله مجنون ، قال لوقا : من المدينة معه شياطين ، وقال متى مجنونان جائيان من المقابر رديئان جداً حتى أنه لم يقدر