كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 1)
صفحة رقم 536
المالك عما في يده إلى ما في يد غيره ، والشراء رغبة المستملك فيما في يد غيره بمعاوضة بما في يده مما رغب عنه ، فلذلك كل شار بائع ) وأحل ) أي والحال أنه أحل ) الله ( الذي له تمام العظمة المقتضية للعدل ) البيع ) أي لما فيه من عدل الانتفاع ، لأنه معاوضة على سبيل النصفة للتراضي من الجانبين ، لأن الغبن فيه غير محقق على واحد منهما ، لأن من اشترى ما يساوي درهماً بدرهمين يمكن أن يبيعه بعد ذلك لرواجه أو وجود راغب فيه لأمر دعاه إليه بثلاثة ) وحرم الربا ( لما فيه من اختصاص أحد المتعاملين بالضرر والغبن والآخر بالاستئثار على وجه التحقيق ، فإن من أخذ درهماً بدرهمين لا يرجى خير ما فاته من ذلك الوجه أصلاً ، وكذلك ربا المضاعفة وهو ما إذا طلب دينه فكان الغريم معسراً فألزمه بالدفع أو الزيادة في الدين فإنه ليس في مقابلة هذا الزائد شيء ينتفع به المدين .
قال الحرالي : فيقع الإيثار قهراً وذلك الجور الذي يقابله العدل الذي غايته الفضل ، فأجور الجور في الأموال الربا ، وأجور الجور في الربا الربا كالذي يقتل بقتيل قتيلين ، وكل من طفف في ميزان فتطفيفه ربا بوجه ما ؛ ولذلك تعددت أبواب الربا وتكثرت ؛ قال قال ( صلى الله عليه وسلم ) : ( الربا بضع وسبعون باباً ، والشرك مثل ذلك وهذا رأسه ) وهو ما كانت تتعامل به أهل الجاهلية ، من قولهم : إما أن تربي وإما أن تقضي ، ثم لحق به سائر أبوابه ، فهو انتفاع للمربي وتضرر للذي يعطي الربا ، وهذا أشد الجور بين العبيد الذين حظهم التساوي في أمر بلغة الدنيا ؛ فكما أعلمهم سبحانه وتعالى أثر حكمة الخير في الإنفاق أعلمهم أثر حكمة الشر في الربا في دار الآخرة وفي غيب أمر الدنيا وكما أنه يعجل للمنفق خلفاً في الدنيا كذلك يعجل للمربي محقاً في الدنيا حسب ما صرح به الخطاب بعد هذا الإشعار - انتهى .
ومادة بيع بجميع تقاليبها التسعة يائية وواوية مهموزة وغير مهموزة : بيع وعيب وعبي وبوع وبعو ووبع ووعب وعبو وعبا - تدور على الاتساع ، فالبيع يدور على التصرف التام بالقوة تارة وبالفعل أخرى ، والذي بالفعل يكون بالملك تارة وبغيره أخرى ، والذي بالملك يكون بالتحصيل تارة وبالإزالة أخرى ، ولا يخفى أن كل ذلك من الاتساع فمن الذي بالقوة : باعه من السلطان سعى به إليه ، وامرأة بائع إذا كانت نافقة لجمالها ، والبياعة السلعة ، والبيّع كسيد : المساوم ، وأبعته بمعنى عرضته للبيع ؛ ومن الذي بالفعل من غير ملك : باع على بيعه أي قام مقامه في المنزلة والرفعة وظفر به ، وكذا أبعت الرجل فرساً أي أعرته إياه ليغزو عليه ؛ ومن