كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 1)

صفحة رقم 541
أي من طارق يطرقهم بغير ما يلائمهم لأنهم في كنف العزيز العليم ) ولا هم يحزنون ( على شيء فاتهم فهم في غاية الرضى بما هم فيه ، ولعظيم الجدوى في ذلك كرره في هذه الآيات غير مرة ونوه به كرة في أثر كرة .
ولما كانت نتيجة الآية الماضية في الاعتماد على ما عند الله سبحانه وتعالى من الأجر وعدم الحزن على ما فات من ربا وغيره والخوف من شيء آت من فقر أو غيره ترك كل شيء ينسب إلى الربا وكان بين أهل الإسلام وأهل الجاهلية وبين بعضهم و بعض معاملات في الجاهلية ربوية لم تتم بعد بين أمرها نفياً لما قد يتوهم من قوله سابقاً ) فله ما سلف ( من تحليل بقايا الربا وأن النهي خاص بما تجدد منه فقال مخاطباً لأقرب من ذكره ممن تلبس بالإيمان ولم يلتفت إلى غيرهم تشريفاً لهم : ( يا أيها الذين آمنوا ) أي أقروا بالتصديق بألسنتهم .
ولما كان الربا قد يكون مؤجلاً فيكون صاحبه قد مضت عليه مدد وهو موطن نفسه على أخذه فيصير الكف عنه يعدل الموت عنده أبلغ سبحانه وتعالى في التشديد في هذه المواعظ فقال : ( اتقوا الله ) أي الذي له جميع العظمة تصديقا لإقراركم ) وذروا ) أي اتركوا أي ترك كان ) ما بقي من الربا ) أي الذي كنتم تتعاملون به فلا تستحلوه ولا تأكلوه .
ولما لوح في أول الآية إلى أن من أصر فهو غير صادق في دعوى الإيمان صرح بذلك في آخرها فقال : ( إن كنتم مؤمنين ) أي متصفين بما ذكرتموه بألسنتكم .
قال الحرالي : فبين أن الربا والإيمان لا يجتمعان وأكثر بلايا هذه الأمة حتى أصابها ما أصاب بني إسرائيل من البأس الشنيع والانتقام بالسنين إنما هو من عمل من عمل بالربا ، وهذه الآية أصل عظيم في أحكام الكفار إذا أسلموا فما مضى منها لم ينقص وما لم يمض لم يفعل - نبه عليه الأصبهاني .
ولما كان من حق من عاند السيد الأخذ سبب عن ذلك قوله : ( فإن لم تفعلوا ) أي ترك الربا .
قال الحرالي : في غشعاره أن طائقة منهم لا يذرونه بعد تحريمه بما أنهم ليسوا من الذين كانوا مؤمنين - انتهى .
) فأذنوا بحرب ) أي عظيمة .
قال الحرالي : والحرب مدافعة بشدة عن اتساع ، المدافع بما يطلب منه الخروج عنه فلا يسمح به ويدافع عنه بأشد مستطاع ؛ ثم عظم أمرها بإيراد الاسم الأعظم فقال : ( من الله ( العظيم الجليل ) ورسوله ( ( صلى الله عليه وسلم ) الذي هو أعظم الخلائق بتشريفه بالإضافة إليه .
وقال الحرالي : الذي هيأه للرحمة ، فكان نبي الرحمة محارباً له ، فانقطعت وصلته من الرحيم والشفيع - انتهى .
) وإن تبتم ) أي فعلتم بعد الإذن بالقتال أو قبله ما أمركم الله به من ترك ما بقي منه ) فلكم رؤوس أموالكم ) أي كما هو حال البيع .
ولما كان ذلك هو العدل لأنه الحق

الصفحة 541