كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 1)
صفحة رقم 546
لحافظين كراماً كاتبين ( ) 7
[ الانفطار : 10 ]
77 ( ) بأيدي سفرة كرام بررة ( ) 7
[ عبس : 15 ] .
ولما أرشد إلى تخير الكاتب تقدم إليه بالنهي تقديماً لدرء المفاسد ثم الأمر فقال : ( ولا يأب كاتب أن يكتب ) أي ما ندب إليه من ذلك ) كما علمه الله ) أي لأجل الذي هو غني عنه وعن غيره من خلقه شكراً له على تلك النعمة وكتابة مثل الكتابة التي علمها الله سبحانه وتعالى لا ينقص عنها شيئاً ) فليكتب ( وفي ذلك تنبيه على ما في بذل الجهد في النصيحة من المشقة .
ولما كان ذلك وكان لا بد فيه من ممل بين من يصح إملاؤه للمكتوب فقال : ( وليملل ( من الإملال وهو إلقاء ما تشتمل عليه الضمائر على اللسان قولاً وعلى الكتاب رسماً - قاله الحرالي ) الذي عليه الحق ( ليشهد عليه المستملي ومن يحضره .
ولما كانت الأنفس مجبولة على محبة الاستئثار على الغير حذرها مما لا يحل من ذلك فقال : ( وليتق الله ( فعبر بالاسم الأعظم ليكون أزجر للمأمور ثم قال : ( ربه ( تذكيراً بأنه لإحسانه لا يأمر إلا بخير ، وترجية للعوض في ذلك إذا أدى فيه الأمانة في الكم والكيف من الأجل وغيره ؛ وأكد ذلك بقوله : ( ولا يبخس ( من البخس وهو أسوأ النقص الذي لا تسمح به الأنفس لبعده عن محل السماح إلى وقوعه في حد الضيم ) منه شيئاً ( ولما كان هذا المملي قد يكون لاغي العبارة وكان الإملاء لا يقدر عليه كل أحد قال سبحانه وتعالى : ( فإن كان الذي عليه الحق سفيهاً ( فلا يعتبر إقراره لضعف رأيه ونظره ونقص حظه من حكمة الدنيا ) أو ضعيفاً ( عن الإملاء في ذلك الوقت لمرض أو غيره من صبا أو جنون أو هرم من الضعف وهو وهن القوى حساً أو معنى ) أو لا يستطيع أن يمل هو ( كعيّ أو حياء أو عجمة ونحوه ) فليملل وليه ( القائم لمصالحه من أب أو وصي أو حاكم أو ترجمان أو وكيل ) بالعدل ( فلا يحيف عليه ولا على ذي الحق .
قال الحرالي : فجعل لسان الولي لسان المولى عليه ، فكان فيه مثل لما نزل به الكتاب من إجراء كلام الله سبحانه وتعالى على ألسنة خلقه في نحو ما تقدم من قوله :
77 ( ) إياك نعبد وإياك نستعين ( ) 7
[ الفاتحة : 5 ] وما تفصل منها
77 ( ) الله ولي الذين آمنوا ( ) 7
[ البقرة : 257 ] أمل ما عليهم من الحقوق له فجعل كلاماً من كلامه يتلونه ، فكان الإملال منه لهم لتقاصرهم عن واجب حقه تقاصر السفيه ومن معه عن إملال وليه عنه لرشده وقوته وتمكن استطاعته - انتهى .