كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 1)
صفحة رقم 552
يفهمه ترتيب الحساب على وقوع العمل حيث لم يكن فيحاسبكم مثلاً فقد أعظم اللطف به ، لأن من حوسب بعمله عاجلاً في الدنيا خف جزاؤه عليه حيث يكفر عنه بالشوكة يشاكها حتى بالقلم يسقط من يد الكاتب ، فيكفر عن المؤمن بكل ما يلحقه في دنياه حتى يموت على طهارة من ذنوبه وفراغ من حسابه كالذي يتعاهد بدنه وثوبه بالتنظيف فلا يتسخ ولا يدرن ولا يزال نظيفاً - انتهى وفيه تصرف .
ولما كان حقيقة المحاسبة ذكر الشيء والجزاء عليه وكان المراد بها هنا العرض وهو الذكر فقط بدلالة التضمن دل عليه بقوله مقدماً الترجئة معادلة لما أفهمه صدر الآية من التخويف : ( فيغفر لمن يشاء ) أي فلا يجازيه على ذلك كبيرة كان أو لا ) ويعذب من يشاء ( بتكفير أو جزاء .
ولما أخبر سبحانه وتعالى بهذا أنه مطلق التصرف ختم الكلام دلالة على ذلك بقوله مصرحاً بما لزم تمام علمه من كمال قدرته : ( والله ) أي الذي لا أمر لأحد معه ) على كل شيء قدير ) أي ليس هو كملوك الدنيا يحال بينهم وبين بعض ما يريدون بالشفاعة وغيرها .
قال الحرالي : فسلب بهذه الآية القدرة عن جميع الخلق - انتهى .
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن هذه الآية خاصة بأمر الشهادة ، وقال الأكثرون : هي عامة كما فهمها الصحابة رضوان الله سبحانه وتعالى عليهم في الوسوسة وحديث النفس المعزوم عليه وغيره ثم خففت بما بعدها ، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : ( لما نزلت على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) لله ما في السماوات ( الآية إلى ) قدير ( اشتد ذلك على أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ثم بركوا على الركب فقالوا : يا رسول الله كُلّفنا من الأعمال ما نطيق : الصلاة والصيام والجهاد والصدقة وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : أترون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم :
77 ( ) سمعنا وعصينا ( ) 7
[ البقرة : 93 ] ، قولوا : ( سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ( قالوا : ( سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ( .
فلما اقترأها القوم وذلت بها السنتهم أنزل الله في إثرها ) آمن الرسول بما أنزل إليه إلى ) المصير ( فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى وأنزل ) لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ( إلى ) أو أخطأنا ( قال : نعم ( قال البغوي : وفي رواية عن ابن عباس رضي