كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 1)
صفحة رقم 71
السماء والأرض وأن كل شيء ليس الثقلين فقط يعمه القسم بين الجنة والنار كما عمه القسم بين الخبيث والطيب ؛ وإنما اقتصر في مبدأ عقيدة الإيمان على الإيمان ببعث الثقلين وجزائهم تيسيراً واستفتاحاً ، وما سوى ذلك فمن زيادة الإيمان وتكامله كما قال :
77 ( ) ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم ( ) 7
[ الفتح : 4 ] ومن العلماء من وقف بإيمانه على بعث الثقلين وجزائهما ، حتى أن منهم من ينكر جزاء ما سواهما ويتكلف تأويل مثل قوله عليه السلام : ( يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء ) انتهى .
ولما تم ذلك وكان ) الناس ( عاماً للكافر وغيره كان كأنه قيل : هذه النار لمن ؟ فقيل : ( أعدت ) أي هيئت وأكملت قبل زمن استعمالها وتقاد للمجهول لأن المشتكي إذا جهل فاعله كان أنكأ ) للكافرين ( فبين أنها موجودة مهيأة لهم ولكل من اتصف بوصفهم وهو ستر ما ظهر من آيات الله .
قال الحرالي : وهي عدة الملك الديان لهم بمنزلة سيف الملك من ملوك الدنيا - انتهى .
ولما ذكر ما لهم ترهيباً اتبعه ما للمؤمنين ترغيباً فقال صارفاً وجه الخطاب بالرحمة إلى نبي الرحمة ( صلى الله عليه وسلم ) عاطفاً على ما تقديره : فأنذرهم بذلك ، ولكنه طواه لأن السياق للاستعطاف ) وبشر ( والبشرى قال الحرالي إظهار غيب المسرة بالقول : ( الذين آمنوا ) أي صدقوا الرسل ) وعملوا ( قال الحرالي : من العمل وهو فعل بُني على علم أو زعمه ) الصالحات ( من الأقوال والأفعال ، قال الحرالي : جمع صالحة ، وهو العمل المتحفظ به من مداخل الخلل فيه ، وإذا كانت البشرى لهؤلاء فالمؤمنون أحق بما فوق البشرى ، وإنما يبشر من يكون على خطر ، والمؤمن مطمئن فكيف بما فوق ذلك من رتبة الإحسان إلى ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، وما لا يناله علم نفس ولا خطر على قلب بشر .
ولما ذكر المبشر اتبعه المبشر به فقال : ( أن لهم جنات ) أي متعددة ، قال الحرالي : لتعدد رتب أفعالهم التي يطابق الجزاء ترتبها وتعددها كما قال عليه الصلاة والسلام للتي سألت عن ابنها : ( إنها جنان وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى ) وفي التعبير بلهم إشعار بأن ذلك الذي لهم ينبغي لحاقه بذواتهم ليحصل به من كمال أمرهم