كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 1)
صفحة رقم 77
للتقسيم - انتهى .
) الذين آمنوا ) أي بما ذكرنا أول السورة ، ولما تضمن أما معنى الشرط كما فسره سيبويه بمهما يكن من شيء أجيب بالفاء في قوله : ( فيعلمون أنه ) أي ضرب المثل ) الحق ( كائناً ) من ربهم ) أي المحسن إليهم بجميع أنواع الإحسان ، وأنه ما أراد بهم إلا تربيتهم بالإحسان بضربه على عوائد فضله ، وأما أمثال غيره فإن لم يكن فيها نوع من الباطل فلا بد فيها من ضرب من التسمُّح تكون به غير جديرة باسم الحق ولا عريقة فيه .
قال الحرالي : لما كان الذين آمنوا ممن بادر فأجاب وكان ضرب المثل تأكيد دعوة وموعظة لمن حصل منه توقف حصل للذين آمنوا استبصار بنور الإيمان في ضرب المثل ، فصاروا عالمين بموقع الحق فيه ، وكما استبصر فيه الذين آمنوا استغلق معناه على الذين كفروا وجهلوه فاستفهموا عنه استفهام إنكار لموقعه - انتهى .
فلذا قال ) وأما الذين كفروا ) أي المجاهرون منهم والمساترون ) فيقولون ) أي قولاً مستمراً ) ماذا ) أي الذي ) أراد الله ( الذي هو أجل جليل ) بهذا ( الحقير أي بضربه له ) مثلاً ) أي على جهة المثلية استهزاء وجهلاً وعناداً وجفاءً ؛ ثم وصل بذلك ذكر ثمرته عند الفريقين جواباً لسؤال من سأل منهم فقال : ( يضل به كثيراً ) أي منهم بأن لا يفهمهم المراد منه فيظنون بذلك الظنون .
وقال الحرالي : و كان إضلالاً لهم ، لأن في ضرب المثل بما يسبق لهم استزراؤه بنحو الذباب والعنكبوت الذي استمروا ضرب المثل به تطريق لهم إلى الجهالة فكان ذلك إضلالاً ، وقدم الجواب بالإضلال لأنه مستحق المستفهم ، والإضلال التطريق للخروج عن الطريق الجادة المنجية - انتهى .
) ويهدي به كثيراً ) أي ببركة اعتقا هم الخير وتسليمهم له الأمر يهديهم ربهم بإيمانهم فيفهمهم المراد منه ويشرح صدورهم لما فيه من المعارف فيزيدهم به إيماناً وطمأنينة وإيقاناً ، والمهديون كثير في الواقع قليل بالنسبة إلى الضالين .
ولما كان المقام للترهيب كما مضى في قوله : ( فاتقوا النار ( اكتفى في المهتدين بما سبق من بشارتهم وقال في ذم القسم الآخر وتحذيره : ( وما يضل به إلا ( ، قال الحرالي : كأنها مركبة من ( إن ) و ( لا ) مدلولها نفي حقيقة ذات عن حكم ما قبلها - انتهى .
) الفاسقين ) أي الخارجين عن العدل والخير .
وقال الحرالي : الذين خرجوا عن إحاطة الاستبصار و