كتاب تتمة الأعلام - محمد خير رمضان (اسم الجزء: 1)

والذي دعاني إلى تحديد البداية من التاريخ المذكور هو أن صاحب «الأعلام» كانت وفاته في الثالث من شهر ذي الحجة من عام 1396 هـ، وكان قد دفع كتابه للطبع- بعد الزيادات عليه- وتوفي قبل تصحيحه، كما ذكر ذلك الناشر. فكان أن بدأت بتحديد التأريخ للوفيات هنا بعد وفاته بحوالي شهر، وهو بداية العام الهجري 1397 هـ، أو بداية العام الميلادي 1977 م.
ولما اطلعت على كتاب «ترتيب الأعلام على الأعوام»، تبيّن أن الزركلي لم يورد من وفيات سنة 1396 هـ سوى ترجمة واحدة!
وكان من الصعب العودة إلى المراجع نفسها لإيراد وفيات تلك السنة .. ثم وقفت على قدر منها، ووضعتها في المستدرك.
أما المنهج الذي سرت عليه في صياغة ترجمات هؤلاء الأعلام، فلم تكن كلها مثل بعضها البعض، نظرا لاختلاف المصادر التي نقلت منها في كيفية إيراد ترجماتهم، حيث إن منهج التحرير في مجلة يختلف منها عن محررين آخرين في مجلة أخرى؛ ومنهج كاتب والتزامه الفكري أو العقدي يبسط على الترجمة نظرته واهتمامه، من تأييد أو نقد، ومن مدح أو ذم. وكان يصعب عليّ معرفة الحق في الترجمة كل حين، فكنت أثبتها كما هي، موثّقا ذلك بالمصدر في الهامش، والعهدة في ذلك تبقى على الكاتب .. وما كان لي أن أغضّ الطرف عما قيل في شخص معين ولا أبينه للقارئ، وعددت ذلك من الإفادة أو الأمانة العلمية.
وانظر إلى ما نقد به ابن كثير- المؤرّخ، الحافظ- ابن خلّكان، القاضي المؤرّخ، صاحب «وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان» لكونه لم يبيّن فسق جماعة من الزنادقة الذين ترجم لهم، فقال في ترجمة ابن الراوندي- وهو أحد مشاهير الزنادقة-: «وقد ذكره ابن خلكان في الوفيات، وقلس عليه، ولم يخرجه بشيء، ولا كأن الكلب أكل له عجينا، على عادته في العلماء، والشعراء يطيل تراجمهم، والعلماء يذكر لهم ترجمة يسيرة، والزنادقة يترك زندقتهم»! ! .
وإذا لم يكن لي حظّ التعرّف إلا على أعلام معدودين بين هؤلاء الأعلام كلهم- وقد أبديت رأيي فيهم- فإن معظم التراجم هنا إنما أورد ما قيل فيهم من مصادر أثبتّها في الهامش حسب التوثيق العلمي، وللقارئ أن يأخذ بها أو يدعها ويقتصر على ما يهمه في ترجمتهم.
وما قيل في بعضهم من إعجاب وإبداع لا يعني تزكيتهم والإشادة بهم، بل قد يكون أحدهم أوتي عقلا وذكاء وقدرة فسخّر ما أوتيه لفنّه وأخلص فيه لأسباب، أو أن المجال فتح أمامه دون غيره لتنفيذ أهداف محددة، والوصول إلى نتائج معينة .. وكنت ألمس ذلك بوضوح في تراجم كثيرة، فكنت أتركها كما هي، ولا أستبعد منها إلا ما زاد عن حدّه؛ حتى يعرف المترجم له على حقيقة ما كان عليه، أو ما قال فيه أنصاره وذووه.
على أن التركيبة الأولى في بداية كل ترجمة إنما هي من صنع مؤلف هذا الكتاب، وهي استنتاج عام موجز من تخصص المترجم له وأبرز سماته وأعماله في عمره ..
وقد أثبت في ترجمة بعض الأعلام أشياء قد لا تبدو لبعض القراء ذات أهمية، ولكنها تكون من اهتمامات آخرين، مثل أوائل الأشياء التي قام بها أو نفذها أعلام معبنون في بلدان متعددة ..
كما تعمدت ذكر أوائل سنوات تعلمهم، ليبرز في ذلك من درس في خلاوي وكتاتيب، التي ستصبح تاريخا، فلن نجد لها ذكرا بعد هؤلاء الأعلام إلا نادرا!
ويبقى الحديث في طول الترجمة وقصرها، فهذا إن عاد بعض أسبابه إلى وجود الترجمة هكذا في مصدرها، وكنت أختصر من طولها دون الإخلال بالفائدة المرجوة، وأطيل من القصيرة ما أجده في مصادر أخرى، إلا أن السبب الرئيسي في ذلك يعود إلى المنهج الذي أحببت أن أسير عليه، وإن لم أتمكّن من تنفيذه كله على ما أرغب، ألا وهو التفريق بين الترجمة «الحيّة» والترجمة «الميتة»! .
فلم يكن هدفي من تقديم هذا العمل هو بيان ميلاد ووفيات هؤلاء الأعلام- وإن كان ذلك مرغوبا في ذاته-،

الصفحة 4