كتاب معاني القرآن وإعرابه للزجاج (اسم الجزء: 1)
قال قوم: معنى الحين ههنا إلى يوم القيامة، وقال قوم: إلى فناءِ الآجال
أيْ كلُ مستقر إلى فناءِ أجله، والحين والزمان في اللغة منزلة واحدة، وبعض
الناس يجعل الحين في غير هذا المَوْضِع ستة أشهر دليله قوله: (تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا).
وإنما (كل حين) ههنا جُعِلَ لمدة معلومة والحين يصلح للأوقات كلها
إلا أنه - في الاستعمال - في الكثير منها أكثر، يقال ما رأيتُكَ منذُ حين، تريد منذ حين طويل.
والأصل على ما أخبرنا به.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إنَهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)
الكلمات - واللَّه أعلم - اعتراف آدم عليه السلام وحواء بالذنب لأنهما
قالا: (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23).
اعترفا بذنبهما وتابا.
وفي هذه الآية موعظة لولدهما، وتعريفهم كيف السبيل إلى التنَصُّلِ من
الذُنُوب، وأنه لا ينفع إِلا الاعترافُ والتوبةُ، لأن ترك الاعتراف بما حرّم اللَّه
- عزَّ وجلَّ - حَرامٌ وكُفْرٌ باللَّه فلا بد من الاعتراف مع التوبة، فينبغي أن يفهم هذا المعنى فإِنه من أعظم ما يحتاج إِليه من الفوائد.
وقرأ ابن كثير: (فتلقى آدمَ من ربِّه كَلمَاتٌ)، والاختيار ما عليه الإجماع (1)
__________
(1) قراءة ابن كثير متواترة، ومن ثَمَّ فلا يجوز المفاضلة والترجيح بين القراءات. والله أعلم.
الصفحة 116
531