كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 1)

شرعها البيض كالغمامات فى الصّي ... ف صحاحا منها وغير صحاح.
كم مدلّ بالجاه والمال فيها، ... وبه حاجة إلى الملّاح!
قائد جنده لهم أدوات ... نفعها ثمّ فوق نفع السّلاح.
فإذا البحر صال، صالوا عليها ... بمواض تمضى بغير جراح.
يكثرون الصّياح حتّى كأنّ الس ... فن تجرى من خوف ذاك الصّياح.
ومما وصفت به البحار والسفن نثرا قال أبو عمرو صاحب الصلاة القرطبىّ يصف شانيا [1] سافر فيه:
«فارقت مولاى حين أخذت للسّفر عدّة الحزم، وشددت عقدة العزم؛ وانتظمت مع السّفر فى سلك، وركبنا على اسم الله ظهر الفلك؛ فى شان عظيم الشان، أحدقت به النّطق إحداق الحيازم، وأمسكته إمساك الأبازم؛ ثم تتبّع خلله فسدّ، ورخوه فشدّ؛ حذرا على ألواحه من الإنخاع، واتصلت بعرانيسه اتصال الجلود بالأضلاع؛ ثم جلببت جلبابا من القار، وضمّخ فى المتنين والفقار؛ فامتاز بأغرب ميسم، وعاد كالغراب الأعصم؛ [2] قد حسن منه المخبر، وكأنّ الكافور قد قرن فيه بالعنبر. له من التماسيح أجنابها، ومن الخطاطيف أذنابها؛ واستقلّت رجله بفراشها، استقلال السّهام برياشها؛ وقد مدّ قلعيه ذراعيه متلقيا من وفد الرياح مصافحه، ومستهديا منها منافحة. تقلّد الحكم عليها إشتيام [3] ذو تيقظ واستبصار، واستدلال على الأعماق
__________
[1] الشانى اسم لنوع من السفن التجارية والحربية عند المسلمين وجمعه شوانى.
[2] أى الأبيض الجناحين (عن تاج العروس) .
[3] الإشتيام هو رئيس الملّاحين، لفظ أعجمىّ أخذه العرب (راجع الجواليقىّ)

الصفحة 258