كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 1)

فإذا انتهت زيادته، فتحت خلجانات وترع تتخرّق المياه فيها يمينا وشمالا إلى البلاد البعيدة عن مجرى النيل.
وللنيل ثمان خلجانات، وهى: خليج الإسكندرية؛ وخليج دمياط؛ وخليج منف؛ وخليج المنهى (حفره يوسف الصدّيق عليه السلام) ؛ وخليج أشموم طنّاح؛ وخليج سردوس (حفره هامان لفرعون) ؛ وخليج سخا؛ وخليج حفره عمرو بن العاص، يجرى إلى أن يصبّ فى السّباخ.
ويحصل لأهل مصر إذا وفى النيل ستة عشر ذراعا- وهى قانون الرىّ- فرح عظيم: بحيث إن السلطان يركب فى خواصّ دولته وأكابر الأمراء فى الحراريق إلى المقياس، ويمدّ فيه سماطا يأكل منه الخواصّ والعوامّ، ويخلع على القيّاس، ويصله بصلة مقرّرة له فى كلّ سنة.
وقد ذكر بعض المفسرين «للكتاب العزيز» أن يوم «وفاء النيل» هو اليوم الذى وعد فيه فرعون موسى بالاجتماع، وهو قوله تعالى إخبارا عن فرعون (قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى)
. والعادة جارية أن اجتماع الناس للتخليق فى هذا الوقت.
ومتى قصّر النيل عن هذا المقدار، غلت الأسعار.
وهو إذا ابتدأ فى زيادته يكون مخضرّا، ثم محمّرا، ثم كدرا.
وإذا انتهى فى الزيادة غشّى الأرض، وتصير القرى فوق الرّوابى فلا يتوصّل إليها إلا فى المراكب أو على الجسور الممتدّة التى تنفق عليها الأموال الكثيرة وتتخذ لحفظ الماء.

الصفحة 264