كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 1)

إذا علتها الصّبا أبدت لها حبكا ... مثل الجواشن مصقولا حواشيها.
إذا النّجوم تراءت فى جوانبها ... ليلا، حسبت سماء ركّبت فيها.
لا يبلغ السّمك المحصور غايتها ... لبعد ما بين قاصيها ودانيها.
يعمن فيها بأوساط مجنحّة ... كالطير تنقضّ فى جوّ خوافيها.
كأنها حين لجّت فى تدفّقها ... يد الخليفة لمّا سال واديها!
وقال ابن طباطبا:
كم ليلة ساهرت أنجمها لدى ... عرصات أرض ماؤها كسمائها.
قد سيّرت فيها النجوم كأنّما ... فلك السماء يدور فى أرجائها.
أحسن بها بحرا إذا التبس الدّجى، ... كانت نجوم الليل من حصبائها!
ترنو إلى الجوزاء وهى غريقة ... تبغى النّجاء، ولات حين نجائها!
تطفو وترسب فى اصطفاق مياهها ... لا مستعان لها سوى أسمائها.
والبدر يخفق وسطها فكأنّه ... قلب لها قد ريع فى أحشائها.
وقال عبد الجبار بن حمديس، يصف بركة يجرى إليها الماء من شاذروان من أفواه طيور وزرافات وأسود، من أبيات:
والماء منه سبائك من فضّة ... ذابت على دولاب شاذروان!
فكأنّما سيف هناك مشطّب ... ألقته يوم الرّوع كفّ جبان!
كم شاخص فيه يطيل تعجّبا ... من دوحة نبتت من العقيان!
عجبا لها تسقى هناك ينائعا ... ينعت من الثّمرات والأغصان!
خصّت بطائرة على فنن لها ... حسنت، فأفرد حسنها من ثانى!

الصفحة 286