كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 1)

للولد، خرج من الحرم كله حتّى يلقاها. فلم تزل خيمة آدم مكانها حتّى قبض الله آدم عليه السلام ورفعها الله. وبنى بنو آدم بها من بعدها مكانا: بيتا بالطّين والحجارة.
فلم يزل معمورا، يعمرونه ومن بعدهم حتّى كان زمن نوح عليه السلام. فنسفه الغرق وخفى مكانه. فلما بعث الله تعالى إبراهيم عليه السلام طلب الأساس، فلما وصل إليه ظلّل الله مكان البيت بغمامة. فكانت حفاف البيت الأوّل، ثم لم تزل راكزة على حفافه تظل إبراهيم عليه السلام وتهديه مكان القواعد حتّى رفع الله القواعد قامة. ثم انكشفت الغمامة، فذلك قوله تعالى: (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ)
أى الغمامة التى ركزت على الحفاف لتهديه مكان القواعد.
وعن وهب بن منبه أنه قال: قرأت فى كتاب من الكتب الأول، ذكر فيه أمر الكعبة، فوجدت فيه أن ليس من ملك من الملائكة بعثه الله تعالى إلى الأرض إلا أمره بزيارة البيت. فينقضّ من عند العرش محرما ملبّيا، حتّى يستلم الحجر.
ثم يطوف بالبيت سبعا ويركع فى جوفه ركعتين، ثم يصعد.
وقال الأزرقىّ، يرفعه إلى ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال: لما أهبط الله آدم إلى الأرض، أهبطه إلى موضع البيت الحرام. وهو مثل الفلك من رعدته.
ثم أنزل عليه الحجر الأسود يعنى الركن، وهو يتلألأ من شدّة بياضه. فأخذه آدم صلى الله عليه وسلم فضمّه إليه أنسابه. ثم أنزلت عليه العصى فقيل له: تخطّ يا آدم، فتخطّى، فإذا هو بأرض الهند والسند. فمكث هنالك ما شاء الله، ثم استوحش إلى الركن فقيل له: احجج، قال فحج فلقيته الملائكة فقالوا: برّ حجّك يا آدم، لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفى عام.

الصفحة 303