كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 1)

قال: وسأل عمر بن الخطاب رضى الله عنه كعب الأحبار فقال: اخبرّنى عن البيت الحرام. فقال كعب: أنزله الله من السماء ياقوتة مجوّفة مع آدم، فقال له:
يا آدم إن هذا بيتى أنزلته معك، يطاف حوله كما يطاف حول عرشى، ويصلّى حوله كما يصلّى حول عرشى. ونزلت معه الملائكة فرفعوا قواعده من حجارة ثم وضع البيت عليه. فكان آدم يطوف حوله كما يطاف حول العرش، ويصلّى عنده كما يصلّى عند العرش. فلما أغرق الله تعالى قوم نوح، رفعه إلى السماء وبقيت قواعده.
وقال وهب بن منبه: كان البيت الذى بوّأه الله تعالى لآدم عليه السلام يومئذ من ياقوت الجنة. وكان من ياقوتة حمراء تلتهب، لها بابان: أحدهما شرقىّ والآخر غربىّ. وكان فيه قناديل من نور آنيتها ذهب من تبر الجنة. وهو منظوم بنجوم من ياقوت أبيض. والركن يومئذ نجم من نجومه وهو يومئذ ياقوتة بيضاء.
والله أعلم.
ذكر فضل البيت الحرام، والحرم
قال أبو الوليد، يرفعه عن وهب بن منبه أنه قال: إن آدم لما أهبط إلى الأرض استوحش فيها ما رأى من سعتها ولم يرفيها أحدا غيره، فقال: يا رب، أما لأرضك هذه من عامر يسبّحك فيها ويقدّس لك غيرى؟ قال: إنى سأجعل فيها من ذرّيتك من يسبّح بحمدى ويقدّس لى، وسأجعل فيها بيوتا ترفع لذكرى ويسبّحنى فيها خلقى، وسأبوّئك فيها بيتا أختاره لنفسى، وأخصّه بكرامتى، وأوثره على بيوت الأرض كلها باسمى، فأسمّيه بيتى، وأنطعه [1] بعظمتى، وأحوزه بحرماتى، وأجعله أحق بيوت الأرض
__________
[1] أنطعه: بسط له النطع بالكسر، بساط من أديم (تفسير بهامش الأصل) . وفى بعض النسخ «وأنطفه» بالفاء» .

الصفحة 304