كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 1)

وعن عروة بن الزبير رضى الله عنهما قال: بلغنى أن البيت وضع لآدم يطوف به ويعبد الله عنده؛ وأنّ نوحا قد حجّه وجاءه وعظمه قبل الغرق. فلما أصاب البيت ما أصاب الأرض من الغرق فكان ربوة حمراء معروفا مكانه؛ فبعث الله هودا إلى عاد، فتشاغل بأمر قومه حتّى هلك، ولم يحجّه. ثم بعث الله تعالى صالحا إلى ثمود، فتشاغل بهم حتّى هلك، ولم يحجّه. ثم بوّأه الله تعالى لإبراهيم عليه السلام فحجّه وأعلم مناسكه ودعا إلى زيارته. ثم لم يبعث الله نبيا بعد إبراهيم، إلا حجه.
وعن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما أنه قال: لقد سلك فجّ الرّوحاء سبعون نبيا، حجّاجا: عليهم لباس الصّوف. مخطّمى إبلهم بحبال اللّيف. ولقد صلّى فى مسجد الخيف سبعون نبيّا.
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لقد مرّ بفجّ الرّوحاء (أو لقد مرّ بهذا الفجّ) سبعون نبيا على نوق حمر خطمها الليف، لبوسهم العباء وتلبيتهم شتّى.
فمنهم يونس بن متّى. فكان يونس يقول: (لبّيك فرّاج الكرب، لبّيك) ؛ وكان موسى يقول: (لبّيك، أنا عبدك لديك، لبّيك) قال: وتلبية عيسى: (لبّيك، أنا عبدك ابن أمتك بنت عبديك، لبّيك) » .
وعن عطاء بن السائب أن إبراهيم رأى رجلا يطوف بالبيت فأنكره، فسأله:
ممن أنت؟ فقال: من أصحاب ذى القرنين، قال: وأين هو؟ قال: هو بالأبطح.
فتلقّاه إبراهيم عليه السلام فاعتنقه، فقال لذى القرنين: ألا تركب؟ قال: ما كنت لأركب، وهذا يمشى، فحجّ ماشيا.

الصفحة 310