كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 1)

همدان؛ ومن كان ذا سياسة وصبر على أزمات الدهر فليلحق ببطن مرّ، فلحقت به خزاعة. ومن كان يريد الراسخات في الوحل، المطعمات في المحل، فليلحق بيثرب ذات النخل، فلحقت بها بنو قيلة، وهم الأوس والخزرج؛ ومن كان يريد الخمر والخمير والأمر والتأمير فليلحق ببصرى وسدير (وهى من أرض الشام) ، فلحقت به غسّان؛ ومن كان يريد الثياب الرّقاق، والخيول العتاق، والذّهب والأوراق، فليلحق بالعراق، فلحقت به لخم. والله سبحانه وتعالى أعلم.
الباب الثالث من القسم الخامس من الفن الأوّل (فى المبانى القديمة)
والمبانى القديمة كثيرة، فلنذكر منها ما عظم خطره، وشاع في الآفاق ذكره.
ذكر أوّل بناء وضع على وجه الأرض
قيل: أوّل ما بنى على وجه الأرض «الصّرح» ويسمّى «المجدل» بناه النّمرود الأكبر ابن كوش بن حام بن نوح، بكوثى ربّى من أرض بابل. قيل: وبها إلى هذا العصر من أثره كالجبال. وكان طوله في الهواء خمسة آلاف ذراع، وعرضه ثلاثة آلاف ذراع. وكان مبنيا بالحجارة والرّصاص والكلس والشّمع واللّبان. يناه ليمنعه وقومه من بأس الله عز وجل. وكان قد كفر وطغى وادّعى الألوهية، فأرسل الله تعالى

الصفحة 372