كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 1)

من ذلك، وقالوا: ما سمعنا هذا قطّ. فسألناهم عن إسلامهم من أين وصلهم ومن علّمه لهم؟ فقالوا: وصل إلينا منذ أعوام كثيرة رجل راكب على دابة طويلة العنق طويلة اليدين والرجلين، لها في موضع صلبها حدبة، (فعلمنا أنهم يصفون الجمل) قالوا: فنزل بنا وكلمنا بكلام فهمناه، ثم علّمنا شرائع الإسلام فقبلناها، وعلمنا أيضا القرآن ومعانيه فتعلمناه وحفظناه. قال سلام: ثم خرجنا بعد هذا إلى السدّ لنبصره، فسرنا عن المدينة نحوا من فرسخين، فوصلنا السدّ. فإذا جبل مقطوع بواد عرضه مائة وخمسون ذراعا، وله في وسط هذا الفناء باب من حديد طوله خمسون ذراعا قد اكتنفه عضادتان، عرض كل عضادة منهما خمسة وعشرون ذراعا. والظاهر من تحتها عشرة أذرع خارج الباب. وكله مبنىّ بلبن الحديد مغيب بالنّحاس. وارتفاع العضادتين خمسون ذراعا، وعلى أعلى العضادتين دروند حديد، طوله مائة وعشرون ذراعا. والدّروند للعتبة العليا، وقد ركب منها على كل واحدة من العضادتين مقدار عشرة أذرع. ومن فوق الدّروند بنيان متصل بلبن الحديد المغيب بالنحاس إلى رأس الجبل، وارتفاعه مدّ البصر. وفوقه شرّافات حديد، فى طرف كل شرّافة قرنتان تنثنى أطراف كل واحدة منهما على الأخرى [1] ، وللباب مصراعان مغلقان، عرض كل مصراع خمسون ذراعا في ثخن خمسة أذرع؛ وقائمتاهما في دوّارة على قدر الدروند. وعلى الباب قفل طوله سبعة أذرع في غلظ ذراع في الاستدارة؛ وارتفاع القفل من الأرض خمسة وعشرون ذراعا. وفوق القفل بخمسة أذرع غلق طوله أكثر من طول القفل،
__________
[1]- هذه رواية ابن حرداذبة. وفي الأصل «قرنان مشى الأطراف بعضها الى بعض» . ورواية المقدسى: «قرنان ينثنى كل واحد في صحبه» .

الصفحة 376