كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 1)

وقال أبو الطيّب المتنبى:
أين الذى الهرمان من بنيانه؟ ... ما قومه؟ ما يومه؟ ما المصرع؟
تتخلّف الآثار عن أصحابها ... حينا، ويدركها الفناء فتتبع.
وقال أميّة بن عبد العزيز الأندلسىّ:
بعيشك هل أبصرت أحسن منظرا ... على طول ما عاينت من هرمى مصر؟
أنافا بأعنان السّماء وأشرفا ... على الجوّ إشراف السّماك أو النّسر
. وقد وافيا نشزا من الأرض عاليا ... كأنّهما ثديان قاما على صدر.
وقال آخر:
انظر إلى الهرمين إذ برزا ... للعين في علو وفى صعد!
وكأنما الأرض العريضة إذ ... ظمئت لفرط الحرّ والومد.
حسرت عن الثّديين بارزة ... تدعو الإله لفرقة الولد.
فأجابها: لبّيك! يوسعها ... ريّا ويشفيها من الكمد.
وقال ابن الساعاتىّ:
ومن العجائب، والعجائب جمّة ... دقّت عن الإكثار والإسهاب.
هرمان قد هرم الزمان وأدبرت ... أيّامه، وتزيد حسن شباب.
لله! أىّ بنيّة أزليّة ... تبغى السّماء بأطول الأسباب؟
ولربّما وقفت وقوف تبلّد ... أسفا على الأيّام والأحقاب.
كتمت عن الأسماع فصل خطابها ... وغدت تشير به إلى الألباب.

الصفحة 391