كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 1)

وقال سيف الدين بن جبارة:
لله! أىّ غريبة وعجيبة ... فى صنعة الأهرام للألباب؟
أخفت عن الأسماع قصّة أهلها، ... ونضت عن الإبداع كلّ نقاب.
فكأنّما هى كالخيام مقامة ... من غير ما عمد ولا أطناب.
ومن رسالة لضياء الدين بن الأثير الجزرىّ في ذكر مصر ووصف الأهرام، جاء منها:
بلد أشهد بفضله على البلاد، ووجدته هو المصر وما عداه فهو السّواد. فما رآه راء إلا ملأ عينه وصدره، ولا وصفه واصف إلا علم أنه لم يقدره قدره. وبه عجائب من الآثار، لا يضبطها العيان ولا الإخبار. فمن ذلك الهرمان، اللذان هرم الدهر وهما لا يهرمان؛ قد اختص كل منهما بعظم البناء، وسعة الفناء؛ وبلغ من الارتفاع غاية لا يبلغها الطير على بعد تحليقه، ولا يدركها الطّرف على مدّة تحديقه؛ فإذا أضرم برأسه قبس ظنه المتأمل نجما، وإذا استدارت عليه قوس السماء كان لها سهما» .
وبالقرب من الأهرام صنم على صورة إنسان، تسميه العامّة «أبو الهول» لعظمه.
والقبط يزعمون أنه طلّسم للرمل الذى هناك، لئلا يغلب على أرض الحيزة.
وأما حائط العجوز
والعجوز هى دلوكا ملكة مصر.
وهذا الحائط من العريش (وهو حدّ مصر من جهة الشام) إلى أسوان (وهى حدّ مصر من جهة النوبة) ، شاملا للديار المصرية من الجانب الشرقىّ.
وزعمت القبط أنّ سبب بنائها أن الله عز وجل لما أغرق فرعون وقومه، خافت دلوكا على مصر أن يطمع الملوك فيها. فبنته، وزوّجت النساء بالعبيد حتّى يكثر النّسل والذرّية.

الصفحة 392