كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 1)

الباب الرابع من القسم الخامس من الفن الأوّل (فيما وصفت به المعاقل والحصون)
وهذا الباب قد ترجمت عليه فى الفن الثانى الذى يلى هذا الفن فيما يحتاج إليه الملك. وإنما ضممته إلى هذا الفن لمناسبته له وشبهه به، واستثنيته من الفن الثانى واقتصرت فيه على مجرّد الترجمة. وبالله التوفيق.
وقد أوسع الفضلاء والأدباء والكتاب والبلغاء القول فى هذا المعنى وتواردوا فيه، فاقتصرنا على ما نورده من ذلك، وهو قليل من كثير.
فمن ذلك ما قاله بعض الأندلسيين يصف قلعة فتحت من غير حصار:
« ... وهذه القلعة التى انتهينا إلى قرارها، واستولينا على أقطارها؛ أرحب المدن أمدا للعيون، وأخصبها بلدا إذا أمحلت السّنون؛ فروعها فوق الثّريّا شامخه، وعروقها تحت الثّرى راسخه؛ تباهى بأزهارها نجوم السماء، وتناجى بأسرارها أذن الجوزاء؛ وكانت فى الزمن الغابر، عتت على عظيم القياصر؛ فنازلها بأكثر من النجوم عددا، وطاولها بأوفى من البحر مددا؛ فأبت على طاعته كلّ الإباء، واستعصت على مقارعته أشدّ استعصاء، ومردت مرود مارد على الزّباء؛ فأمكننا الله من ذروتها، وأنزل ركّابها لنا عن صهوتها» .
وقال القاضى الفاضل عبد الرحيم البيسانى رحمه الله، يصف آمد من رسالة جاء منها:
« ... وآمد ذكرها بين العالم متعالم، وطالما صادم جانبها من تقادم، فرجع عنها مقدوعا أنفه وإن كان فحلا، وفرّ عنها فريدا بهمّه وإن استصحب خيلا ورجلا؛

الصفحة 401