كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 1)

فلك من الأفلاك، إلّا أنه ... حقر البدور فأطلع «المنصورا» .
أبصرته فرأيت أبدع منظرا ... ثم انثنيت بناظرى محسورا.
وظننت أنّى حالم في جنّة ... لمّا رأيت الملك فيه كبيرا.
وإذا الولائد فتّحت أبوابها، ... جعلت ترحّب بالعفاة صريرا.
عضّت على حلقاتهنّ ضراغم ... فغرت بها أفواهها تكشيرا.
فكأنّها لبدت لتهصر عندها ... من لم يكن بدخوله مأمورا.
تجرى الخواطر مطلقات أعنّة ... فيه، فتكبو عن مداه قصورا.
بمرخّم الساحات تحسب أنّه ... فرش البها وتوشّح الكافورا.
ومحصّب بالدّرّ تحسب تربه ... مسكا تضوّع نشره وعبيرا.
يستخلف الإصباح منه إذا انقضى ... صبحا على غسق الظّلام منيرا.
ضحكت محاسنه إليك كأنّما ... جعلت له زهر النّجوم ثغورا.
ومصفّح الأبواب تبرا نظّروا ... بالنّقش بين شكوله تنظيرا.
تبدو مسامير النّضار كما علت ... فلك النّهود من الحسان صدورا.
خلعت عليه غلائلا ورسيّة ... شمس تردّ الطّرف عنه حسيرا.
فإذا نظرت إلى غرائب حسنه، ... أبصرت روضا في السّماء نضيرا.
وعجبت من خطّاف عسجده الّتى ... حامت لتبنى في ذراه وكورا.
وضعت به صنّاعه أقلامها، ... فأرتك كلّ طريدة تصويرا.
فكأنّما للشّمس فيه ليقة ... مشقوا بها التّزويق والتّشجيرا.
وكأنّما فرشوا عليه ملاءة ... تركوا مكان وشاحها مقصورا.
يا مالك الملك الذى أضحى له ... ملك السّماء على العداة نصيرا.

الصفحة 409