كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 1)

ومما قيل في حب الأوطان
قال ابن الرومىّ (وهو أوّل من بيّن السبب في حب الوطن) :
ولى منزل، آليت أن لا أبيعه ... وأن لا أرى غيرى له الدّهر مالكا!
عهدت به شرخ الشّباب ونعمة ... كنعمة قوم أصبحوا في ظلالكا.
فقد ألفته النفس حتّى كأنّه ... لها جسد، إن غاب غودرت هالكا.
وحبّب أوطان الرّجال إليهم ... مآرب قضّاها الشّباب هنالكا.
إذا ذكروا أوطانهم، ذكّرتهم ... عهود الصّبا فيها فحنّوا لذلكا!
ذكر شىء مما قيل في الحمّام
قال إبراهيم بن خفاجة الأندلسىّ:
أهلا ببيت النار من منزل ... شيد لأبرار وفجّار!
يدخله ملتمس لذّة ... فيدخل الجنة في النار!
وقال أبو عامر بن شهيد الأندلسىّ:
نعم، أبا عامر بلذّته ... واعجب لأمرين فيه قد جمعا!
ببرانه من زنادكم قدحت، ... وماؤه من بنانكم نبعا!
وقال علىّ بن عطية البلنسىّ:
ربّ حمّام تلظّى ... كتلظّى كلّ وامق.
ثم أذرت عبرات ... صوبها بالوجد ناطق.
فغدا منّى ومنه ... عاشق في جوف عاشق!
وقال أبو طالب المأمونىّ، شاعر اليتيمة:
وبيت كأحشاء المحبّ دخلته ... ومالى ثياب فيه غير إهابى.

الصفحة 415