كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 1)

رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: مَن حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فهو أَحَدُ الكَذابِينَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فيها؛ إذ يجوز قَبُولُ أخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الراوي لها العدلِ، وإن جَرَّ لنفسه بذلك نفعًا، أو لولده، أو ساقَ بذلك مضرةً لعدوِّه؛ كأخبار عليٍّ - رضي الله عنه - عن الخوارج.
وسِرّ الفرق: أنه لا يتَّهم أحدٌ من أهل العدالة والدِّين بأن يكذبَ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء من ذلك، فكيف يقتحمُ أحدٌ من أهل العدالة والدِّين لشيء من ذلك مع قول (¬1) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ كَذِبًا عليَّ ليس كَكَذِبٍ على أحدٍ؛ فَمَن كَذَبَ عليَّ، فليتبوَّأ مَقعَدَهُ من النار (¬2).
والخبر والشهادة؛ وإنِ اتفقا في أصلِ اشتراط العدالة، فقد يفترقان في أمور عديدة؛ كما فصَّلناه في الأصول.
وعلى الجملة: فشوائبُ المتعبّدات (¬3) ومراعاةُ المناصب في الشهادات أغلب، ومراعاة ظنّ الصدق في الرواية أغلب، والله تعالى أعلم.
و(قوله عليه الصلاة والسلام: مَن حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فهو أَحَدُ الكَذابِينَ): قيَّدناه عن مشايخنا: يُرَى مبنيًّا للفاعل والمفعول: فيَرَى بالفتح، بمعنى: يعلَمُ المتعدِّية لمفعولَين، وأنَّ سدَّت مسدَّهما. وماضي يَرَى: رَأَى مهموزًا، وإنما تركتِ العربُ همزَ المضارع؛ لكثرة الاستعمال، وقد نطقوا به على الأصل مهموزًا في قولهم:
ألم تر ما لاقَيتُ والدَّهرُ أعصُرُ ... ومَن يَتَمَنَّى (¬4) العَيشَ يَرأَى وَيَسمَعُ
وربَّما تركوا همزَ الماضي في مثل قولهم:
صَاحِ هل رَيتَ أو سَمِعتَ براعٍ ... رَدَّ في الضَّرع ما قَرَا في الحِلاَبِ (¬5)؟
¬__________
(¬1) في (ع) وقد قال، والمثبت من (م) و (ل).
(¬2) انظره مع تخريجه في التلخيص برقم (3).
(¬3) في (ع) العبارات، وفي (ل) التعبدات.
(¬4) في (م) يتملّى.
(¬5) في اللسان وحاشية (م): ويُروى: في العلاب.

الصفحة 111