كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 1)
- وَقَالَ عَبدُ اللهِ بنُ عَمرِو بنِ العَاصِ: إِنَّ فِي البَحرِ شَيَاطِينَ مَسجُونَةً، أَوثَقَهَا سُلَيمَانُ؛ يُوشِكُ أَن تَخرُجَ فَتَقرَأَ عَلَى النَّاسِ قُرآنًا.
رواه مسلم (7).
* * *
ـــــــــــــــــــــــــــــ
و(قوله: إِنَّ فِي البَحرِ شَيَاطِينَ مَسجُونَةً، أَوثَقَهَا سُلَيمَانُ) الحديثَ، هذا ونحوه لا يتوصَّلُ إليه بالرأي والاجتهاد، بل بالسمع. والظاهر أن الصحابة إنما تستنُد في هذا للنبيِ - صلى الله عليه وسلم -، مع أنه يحتملُ أن يحدِّثَ به (¬1) عن بعضِ أهل الكتاب.
و(قوله: يُوشِكُ أَن تَخرُجَ فَتَقرَأَ عَلَى النَّاسِ قُرآنًا): يُوشِكُ بكسر الشين، وهي من أفعال المقاربة، وماضيها: أَوشَكَ، ومعناه: مقاربة وقوعِ الشيء وإسراعُهُ، والوَشكُ، بفتح الواو: السرعةُ، وأنكر الأصمعيُّ الكسر فيها، وحكى الجوهري الضَّمَّ فيها.
ويستعمل يوشك على وجهَين: ناقصةٍ تفتقر إلى اسم وخبر، وتامَّةٍ تستقلُّ باسمٍ واحد:
فالناقصة: يلزَمُ خبرهَا أن غالبًا؛ لما فيها من تراخي الوقوع، وتكونُ بتأويلِ المصدر؛ كقولك: يُوشِكُ زيدٌ أن يذهب، أي: قارَبَ زيدٌ الذَّهَابَ، وربَّما حذفت أن؛ تشبيهًا لها بكاد؛ كقول الشاعر:
يُوشِكُ مَن فَرَّ مِن مَنِيَّتِهِ ... فِي بَعضِ غِرَّاتِهِ يُوَافِقُهَا
والتامَّةُ: تكتفي باسم واحد، وهو أن مع الفعلِ بتأويلِ المصدر، بمعنى قَرُبَ؛ كما في خبر عمرو.
هذا والقرآن أصله الجمع؛ ومنه قولُ مَن مدح ناقته فقال:
. . . . . . . . . . . ... هِجَانِ اللَّونِ لم تَقرَأ جَنِينَا (¬2)
¬__________
(¬1) في (م): بذلك.
(¬2) هذا عجز بيت لعمرو بن كلثوم، وصدره:
ذِراعي عَيطَلٍ أدْماءَ بِكْرٍ.