كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب أبي داود: أنَّه لمَّا بادَرَ قومُهُ إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - تأنَّى هو، حتَّى جمَعَ رحالَهُم، وعقَلَ ناقته، ولَبِسَ ثيابًا جُدُدًا، ثم أقبَلَ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على حالِ هدوءٍ وسكينة، فأجلَسَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى جانبه، ثم إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لِوَفدِ عبد القيس: تُبَايِعُونَ عَلَى أَنفُسِكُم وَعَلَى قَومِكُم؟ فقال القومُ: نَعَم، فقال الأَشَجُّ: يا رسولَ الله، إِنَّكَ لم تُزَاوِلِ الرَّجُلَ عَلَى أَشَدَّ عَلَيهِ مِن دِينِهِ، نُبَايِعُكَ عَلَى أَنفُسِنَا، وتُرسِلُ معنا مَن يَدعُوهُم، فمَنِ اتَّبَعَنَا كَانَ مِنَّا، ومَن أَبَى قَاتَلنَاهُ، قال: صَدَقتَ؛ إِنَّ فِيكَ لَخَصلَتَينِ. . الحديثَ (¬1).
فالأُولى: هي الأناة، والثانية: هي العقل. وفيه من الفقه: جَوَازُ مدحِ الرجلِ مشافهةً بما فيه إذا أُمِنَت عليه الفتنةُ، والأصلُ منعُ ذلك؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام -: إِيَّاكُم والمَدح فَإِنَّهُ الذَّبح (¬2)، ولقوله للمادح: وَيلَكَ! قَطَعتَ عُنُقَ أَخِيكَ (¬3)، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى.
و(قوله: وَفِي القَومِ رَجُلٌ أَصَابَتهُ جِرَاحَةٌ كَذَلك) قيل: اسمُ هذا الرجل: جَهمُ بن قُثَمَ؛ قاله ابن أبي خَيثَمَةَ، وقيل: كانت الجراحةُ في ساقه.
قال المؤلِّف رحمه الله تعالى: وهذا الرجل ليس هو أشج عبد القيس؛ لأن اسمهما مختلف كما ذكر هنا وفيما تقدم؛ ولأنَّ الأصل في الشِّجاجِ لا يكون إلا في الرأس والوجه. وفي الصحاح: رَجُلٌ أَشَجُّ بيِّنُ الشَّجَجِ: إذا كان في جبينه أَثَرُ الشَّجَّةِ؛ وعلى هذا: يدُلُّ كونُ هذا الرجل غلب عليه الأشَجُّ؛ لأنَّهُ إنَّما يغلبُ على
¬__________
(¬1) انظر روايات الحديث في مجمع الزوائد (9/ 387 - 390).
(¬2) رواه أحمد (4/ 99)، وابن ماجه (3743) كلاهما من حديث معاوية رضي الله عنه، وانظر فتح الباري (10/ 478).
(¬3) رواه البخاري (2662) في الشهادات، ومسلم (3000) في الزهد.

الصفحة 179