كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 1)

قَالَ عَطَاءُ بنُ يَزِيدَ: وَأَبُو سَعِيدٍ الخُدرِيُّ مَع أَبِي هُرَيرَةَ لا يَرُدُّ عَلَيهِ مِن حَدِيثِهِ شَيئًا، حَتَّى إِذَا حَدَّثَ أبو هُرَيرَةَ: إنَّ اللهَ قَالَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ: ذَلِكَ لَكَ وَمِثلُهُ مَعَهُ، قَالَ أبو سَعِيدٍ الخُدرِيِّ: وَعَشَرَةُ أَمثَالِهِ مَعَهُ يَا أَبَا هُرَيرَةَ! قَالَ أبو هُرَيرَةَ: مَا حَفِظتُ إِلا قَولَهُ: ذَلِكَ لَكَ وَمِثلُهُ مَعَهُ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَشهَدُ أَنِّي حَفِظتُ مِن رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَولَهُ: ذَلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمثَالِهِ مَعَهُ. قَالَ أبو هُرَيرَةَ: وَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أهل الجَنَّةِ دُخُولاً الجَنَّةَ.
رواه أحمد (2/ 368)، والبخاري (7437)، ومسلم (182)، والترمذي (2557).
* * *
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قد أكثر الناس في تأويله، ومن أشبه ما قيل فيه: إن هذا الرجل استخفّه الفرح وأدهشه، فقال ذلك غير ضابط لما يقول، كما جاء في الحديث الآخر في الذي وجد راحلته وقد أشرف على الهلاك من العطش والجوع: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أخطأ من شدّة الفرح (¬1).
وقيل: إنما قال هذا الرجل ذلك على جهة أنّه خاف أن يقابله على ما كان منه في الدنيا من التساهل في الطاعات والتشبه بأحوال الساخرين والمستهزئين، فكأنه قال: أتجازيني على ما كان مني؟ وهذا كما قال تعالى: اللَّهُ يَستَهزِئُ بِهِم، وسَخِرَ اللَّهُ مِنهُم؛ أي: يجازيهم جزاء استهزائهم وسخريتهم على أحد التأويلات.
و(قوله في حديث ابن مسعود: فيقول الله: يا ابن آدم ما يصريني منك؟ ) (¬2) قال الحربي: إنّما هو: يصريك منّي، قال: يقال: صريتُ الشيء، إذا قطعتُه. الجوهريّ: صرى الله عنه شره: رفعه، وصريته: منعته، وصر قوله صريا: قطعه.
¬__________
(¬1) رواه أحمد (1/ 383) و (2/ 316)، والبخاري (6308)، ومسلم (2744)، والترمذي (2499) و (2500) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(¬2) رواه مسلم (310).

الصفحة 425