كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 1)

(65) باب شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمه في التخفيف عنه
[155] عَنِ العَبَّاسَ؛ قَالَ: قُلتُ: يَا رسولَ الله! إِنَّ أَبَا طَالِبٍ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَنصُرُكَ فَهَل نَفَعَهُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَم، وَجَدتُهُ فِي غَمَرَاتٍ مِنَ النَّارِ، فَأَخرَجتُهُ إِلَى ضَحضَاحٍ.
وَفِي رِوَايَةٍ: لَولا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّركِ الأَسفَلِ مِنَ النَّارِ.
رواه أحمد (1/ 206 - 210)، والبخاري (6208)، ومسلم (209).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(65) ومن باب شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمّه أبي طالب في التخفيف عنه
(قوله: كان يحوطك) أي: يحفظك. وينصرك: يعينك، والنصرة. العون، تقول العرب: أرض منصورة؛ أي: معانة على إنباتها بالمطر. وقد كان أبو طالب يمنعه ممن يريد به مكروهًا، ويعينه على ما كان بصدده.
وغَمَرات - بالميم -: جمع غمرة، وهي ما يغطي الإنسان ويغمره، مأخوذ من الماء الغَمر، وهو الكثير. وقد وقع في بعض النسخ غُبّرات، وهو تصحيف ولا معنى للغبرات هنا، والضحضاح: ما رقّ من الماء على وجه الأرض، ومنه قول عمرو في عُمر: أنه جانب غمرتها، ومشى ضحضاحها، وما ابتلّت قدماه، يعني: لم يتعلّق من الدنيا بشيء.
والدرك في مراتب التسفل والنزول، كالدرج في مراتب العلو والارتفاع، ويراد به آخر طبق في أسفل النار، وهو أشدّ أطباق جهنّم عذابًا، ولذلك قال تعالى: إِنَّ المُنَافِقِينَ فِي الدَّركِ الأَسفَلِ مِنَ النَّارِ وكان أبو طالب يستحق ذلك؛ إذ كان قد عُلِم صدقُ النبي - صلى الله عليه وسلم - في جميع حالاته، ولم يخفَ عليه شيءٌ من أموره من مولده إلى حين اكتهاله، ولذلك كان يقول لعلي ابنه: اتَّبِعه، فإنه لا يُرشِدُك إلا إلى خير أو حق أو كما قيل عنه.

الصفحة 456