كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فالفتح للمصدر، والضم للماء، عكس الوضوء، على ما حكاه الجوهري، وقد قيل في الغسل ما قيل في الوضوء.
والطهور والطهارة مصدران بمعنى: النظافة. تقول العرب: طَهَرَ الشيء: بفتح الهاء وضمها، يطهُر بضَمِّها لا غير طهارةً وطهورًا، كما تقول: نظف ينظف نظافةً، ونزه ينزه نزاهَةً، بضمها لا غير، وهي التنزه عن المستخبثات المحسوسة والمعنوية، كما قال تعالى: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيرًا. والشطر: النصفُ، وقد تقدم، والشطر أيضًا: النحو والقَصد، ومنه: شَطرَ المَسجِدِ الحَرَامِ وقول الشاعِر (¬1):
أقول لأم زنباع أقيمي ... صدُور العيس شطرَ بني تميم
أي: نحوهم، ويقال: شطر عنه؛ أي: بعُدَ، وشطر إليهِ؛ أي: أقبل. والشاطر من الشبان: البعيد من الخير.
وقد اختُلِف في معنى قوله - عليه الصلاة والسلام -: الطَهُور شطر الإيمان؛ على أقوالٍ كثيرةٍ؛ أولاها: أن يقال: إنه أراد بالطهور الطهارةَ من الم تخبثات الظَاهرِة والباطنةِ. والشطرُ: النصف، والإيمان هنا: هو بالمعنى العام، كما قد دللنا عليه بقوله - عليه الصلاة والسلام -: الإيمان تصديق بالقلب، وإقرارٌ باللسان، وعملٌ بالأركان (¬2).
ولا شك أن هذا الإيمان ذو خصال كثيرة، وأحكام متعددةٍ، غير أنها منحصرةٌ فيما ينبغي التنزه والتطَهر منه، وهي كل ما نهى الشرع عنه، وفيما
¬__________
(¬1) هو أبو زنباع الجذامي.
(¬2) رواه الخطيبُ في تاريخه (9/ 386)، وفيه عبد الله بن أحمد الطائي، لم يكن بالمرضي. وذكر الذهبي أوله في ميزان الاعتدال (2/ 616) وفيه عبد السلام بن صالح أبو الصلت الهروي، ليس بثقة.

الصفحة 474