كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 1)
[185] وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَتَى المَقبُرَةَ، فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيكُم دَارَ قَومٍ مُؤمِنِينَ، وَإِنَّا إِن شَاءَ اللهُ بِكُم لاحِقُونَ، وَدِدتُ أَنَّا قَد رَأَينَا إِخوَانَنَا، قَالُوا: أَوَلَسنَا إِخوَانَكَ يَا رسولَ الله؟ قَالَ: أَنتُم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وثانيها: أنه يكون أراد: إنا بكم لاحقون في الإيمان، ويكون هذا قبل أن يعلم بمآل أمره، كما قال: وَمَا أَدرِي مَا يُفعَلُ بِي وَلَا بِكُم.
وثالثها: أن يكون استثناء في الواجب، كما قال تعالى: لَتَدخُلُنَّ المَسجِدَ الحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ وتكون فائدته التفويض المطلق.
ورابعها: أن يكون أراد: لاحقون بكم في هذه البقعةِ الخاصةِ، فإنه وإن كان قد علم أنه يموت بالمدينة ويدفن بها، فإنه قد قال للأنصار: المحيا محياكم والممات مماتكم (¬1)، لكن لم تعين له البقعة التي يكون فيها إذ ذاك، وهذا الوجه أولى من كل ما ذكر، وكلها أقوال لعلمائنا.
و(قوله: وددت أنا قد رأينا إخواننا) هذا يدل على جواز تمني لقاء الفضلاء والعلماء، وهذه الأخوة هي أخوة الإيمان اليقيني، والحب الصحيح للرسول - صلى الله عليه وسلم -. وقد ورد في بعض طرق هذا الحديث: أنه - عليه الصلاة والسلام - قال: إخواني الذين يؤمنون بي ولم يروني، ويصدقون برسالتي ولم يلقوني، يود أحدهم لو رآني بأهله وماله، وقد أخذ أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله من هذا الحديث ومن قوله - صلى الله عليه وسلم -: إن من ورائكم أيامًا الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن أجر خمسين منكم (¬2)؛ أنه يكون فيمن يأتي بعد الصحابة من يكون
¬__________
(¬1) رواه أحمد (2/ 538)، ومسلم (1780) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(¬2) رواه أبو داود (4341)، والترمذي (3060)، وابن ماجه (4014) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه.