كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 1)
[207] وَعَنِ المُغِيرَةِ؛ قَالَ: كُنتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيلَةٍ فِي مَسِيرٍ فَقَالَ لِي: أَمَعَكَ مَاءٌ؟ قُلتُ: نَعَم. فَنَزَلَ عَن رَاحِلَتِهِ، فَمَشَى حَتَّى تَوَارَى فِي سَوَادِ اللَّيلِ، ثُمَّ جَاءَ، فَأَفرَغتُ عَلَيهِ مِنَ الإِدَاوَةِ، فَغَسَلَ وَجهَهُ، وَعَلَيهِ جُبَّةٌ مِن صُوفٍ - وَفِي رِوَايَةٍ: شَامِيَّةٌ ضَيِّقَةُ الكُمَّينِ - فَلَم يَستَطِع أَن يُخرِجَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
روايةٍ مفسرًا هكذا. وإنما أعجبهم ذلك؛ لأنه إنما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن أسلم، وأسلم بعد نزول المائدة، فمسح النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد نزول المائدة، فلا تكون آية الوضوء التي في المائدة ناسخة للسُّنة الثابتة في ذلك (¬1)، ولا مرجحة عليها؛ خلافًا لمن ذهب إلى ذلك.
و(قوله في حديث المغيرة: ذات ليلة) أي: ليلة من الليالي، وهي منصوبة على الظرفية، كما تقول: ذات مرة؛ أي: مرة من المرات، ويقال للمذكر: ذا صباح وذا مساءٍ، كما قال الشاعر (¬2):
عزمت على إقامة ذي صباح ... لأمر ما يسود من يسود
وكان هذا المسير في غزوة تبوك، كما في الموطأ. والمسير: السير، وقد يكون: الطريق الذي يسار فيه. وتوارى: غاب. والإداوة: الإناء من الجلد، وفي طريق آخر: مطهرة، وفيه حجة للجماعة في جواز صب الماء على المتوضئ. وقد رُوي عن عمر وابنه كراهة ذلك، وقد روي عنهما خلاف ذلك. فروي عن عمر: أن ابن عباس صب على يديه الوضوء. وقال ابن عمر: لا أبالي، أعانني رجل على وضوئي وركوعي وسجودي (¬3). وهو الصحيح.
وفيه دليلٌ على جواز الاقتصار على فروض الوضوء دون السنن، إذا
¬__________
(¬1) ساقط من (ع).
(¬2) هو أنس بن نَهِيك.
(¬3) رواه أبو جعفر الطبري كما في فتح الباري (1/ 286).