كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 1)

[213] وَعَن أنسٍ؛ قَالَ: أُقِيمت الصَلاةُ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يُناجِي رَجُلاً، لَم يَزل يُناجِيهِ حَتى نَامَ أَصحَابُهُ. ثُمَ جَاءَ فَصَلَى بِهِم. وَلَم يَذكُر وَضُوءا.
رواه البخاري (642)، ومسلم (376)، وأبو داود (542)، والترمذي (517 و 518)، والنسائي (2/ 81).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
و(قوله: أقيمت الصلاة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يناجي رجلاً) أي: يحادثه سرًّا.
و(قوله: حتى نام أصحابه) يعني: أنهم ناموا جلوسًا، وقد روى أبو داود عنه قال: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم، ثم يصلون ولا يتوضؤون (¬1)، وهذا يدل على أن النوم ليس بحدث؛ إذ لو كان حدثًا كما ذهب إليه المزني وابن القاسم - فيما حكى عنه أبو الفرج - لاستوى قليله وكثيره، كالبول والغائط. وهذا النوم في هذه الأحاديث هو الخفيف المعبر عنه بالسُّنَّة التي ذكر الله تعالى في قوله تعالى: لَا تَأخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَومٌ، والذي قال فيه بعض شعراء العرب (¬2):
وسنَان أقصده النعاسُ فَرنَّقَت ... في عينه سِنةٌ وليس بنائم
وقال المفضل: السنة في الرأس، والنعاس في العين، والنوم في القلب، وهذا أصل الوضع، وقد يتجوز فيقال على الجميع نوم، كما جاء في الحديث: إن عيني تنامان ولا ينام قلبي (¬3)، وكما قد أطلق النوم في حديث أنس هذا على السِّنة.
وذهب الجمهور إلى أن المُستثقل من النوم ناقضٌ للوضوء، من حيث كان مظنّة للحدث، كما جاء في حديث ابن عباس: إنما الوضوء على من نام مضطجعًا، فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله (¬4). وفي حديث علي: وكاء السَّه العينان، فمن
¬__________
(¬1) رواه أبو داود (200).
(¬2) الشاعر: هو ابن الرِّقاع.
(¬3) رواه أحمد (6/ 73)، والبخاري (2013)، ومسلم (736).
(¬4) رواه أبو داود (202)، والترمذي (77)، والنسائي (2/ 30).

الصفحة 537