كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 1)
(34) باب الأمر بالوضوء مما مست النار ونسخه
[273] عَن زَيدٍ بنَ ثَابِتٍ؛ قَالَ: سَمِعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: الوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ.
رواه مسلم (351)، والنسائي (1/ 107).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(34) ومن باب الأمر بالوضوء مما مست النار
(قوله: توضؤوا مما مست النار) هذا الوضوء هنا هو الوضوء الشرعيُّ العرفيُّ عند جمهور العلماء، وكان الحكم كذلك ثم نسخ، كما قال جابر بن عبد الله: كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مسّت النار (¬1). وعلى هذا تدل الأحاديث الآتية بعد، وعليه استقر عمل الخلفاء، ومعظم الصحابة، وجمهور العلماء من بعدهم. وذهب أهل الظاهر، والحسن البصري، والزهري، إلى العمل بقوله: توضؤوا مما مست النار، وأن ذلك ليس بمنسوخ. وذهب أحمد، وإسحاق، وأبو ثور إلى إيجاب الوضوء من أكل لحم الجزور لا غير.
وذهبت طائفة إلى أن ذلك الوضوء إنما هو الوضوء اللغويّ، وهو غسل اليد والفم من الدسم والزفر، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث شرب اللبن ثم مضمض وقال: إن له دسمًا (¬2)، وأن الأمر بذلك على جهة الاستحباب، وممن ذهب إلى هذا ابن قُتَيبة، ذكره في غريبه، والصحيح الأول، فليعتمد عليه.
¬__________
(¬1) رواه أبو داود (192)، والنسائي (1/ 108).
(¬2) رواه أحمد (1/ 223 و 227) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.