كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

الحديث علة توجب عنده أن يكون من باب الخاص أريد به العام كان ذلك عنده مندوبا للمستيقظ من النوم فقط ومن فهم منه علة الشك وجعله من باب الخاص أريد به العام كان ذلك عنده للشاك لأنه في معنى النائم والظاهر من هذا الحديث أنه لم يقصد به حكم البدء في الوضوء وإنما قصد به حكم الماء الذي يتوضأ به إذا كان الماء مشترطا فيه الطهارة أما من نقل من غسله صلى الله عليه وسلم يديه قبل إدخالهما في الإناء في أكثر أحيانه فيحتمل أن يكون من حكم اليد على أن يكون غسلها في الابتداء من أفعال الوضوء ويحتمل أن يكون من حكم الماء أعني أن لا ينجس أو يقع فيه شك إن قلنا إن الشك مؤثر.
المسألة الثالثة من الأركان : اختلفوا في المضمضة والاستنشاق في الوضوء على ثلاثة أقوال: قول إنهما سنتان في الوضوء وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وقول إنهما فرض فيه وبه قال ابن أبي ليلى وجماعة من أصحاب داود وقول إن الاستنشاق فرض والمضمضة سنة وبه قال أبو ثور وأبو عبيدة وجماعة من أهل الظاهر. وسبب اختلافهم في كونها فرضا أو سنة اختلافهم في السنن الواردة في ذلك هل هي زيادة تقتضي معارضة آية الوضوء أو لا تقتضي ذلك فمن رأى أن هذه الزيادة إن حملت على الوجوب اقتضت معارضة الآية إذ المقصود من الآية تأصيل هذا الحكم وتبيينه أخرجها من باب الوجوب إلى باب الندب ومن لم ير أنها تقتضي معارضة حملها على الظاهر من الوجوب ومن استوت عنده هذه الأقوال والأفعال في حملها على الوجوب لم يفرق بين المضمضة والاستنشاق ومن كان عنده القول محمولا على الوجوب والفعل محمولا على الندب فرق بين المضمضة والاستنشاق وذلك أن المضمضة نقلت من فعله عليه الصلاة والسلام ولم تنقل من أمره وأما الاستنشاق فمن أمره عليه الصلاة والسلام وفعله وهو قوله عليه الصلاة والسلام: "إذا توضأ أحدكم فليجعل في كلاهما ماء ثم لينثر ومن استجمر فليوتر" خرجه مالك في موطئه و البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة.

الصفحة 10