كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

أعقابهم دون غسل ولا شك أن من شرع في الغسل ففرضه الغسل في جميع القدم كما أن من شرع في المسح ففرضه المسح عند من يخير بين الأمرين وقد يدل هذا على ما جاء في أثر آخر خرجه أيضا مسلم أنه قال: فجعلنا نمسح على أرجلنا فنادى ويل للأعقاب من النار وهذا الأثر وإن كانت العادة قد جرت بالاحتجاج به في منع المسح فهو أدل على جوازه منه على منعه لأن الوعيد إنما تعلق فيه بترك التعميم لا بنوع الطهارة بل سكت عن نوعها وذلك دليل على جوازها. وجواز المسح أيضا مروي عن بعض الصحابة والتابعين ولكن من طريق المعنى الغسل أشد مناسبة للقدمين من المسح كما أن المسح أشد مناسبة للرأس من الغسل إذ كانت القدمان لا ينقى دنسهما غالبا إلا بالغسل وينقى دنس الرأس بالمسح وذلك أيضا غالب والمصالح المعقولة لا يمتنع أن تكون أسبابا للعبادات المفروضة حتى يكون الشرع لاحظ فيهما معنيين: معنى مصلحيا ومعنى عباديا وأعني بالمصلحي ما رجع إلى الأمور المحسوسة وبالعبادي ما رجع إلى زكاة النفس. وكذلك اختلفوا في الكعبين هل يدخلان في المسح أو في الغسل عند من أجاز المسح؟ وأصل اختلافهم الاشتراك الذي في حرف إلى أعني في قوله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} وقد تقدم القول في اشتراك هذا الحرف في قوله تعالى: {إِلَى الْمَرَافِقِ} لكن الاشتراك وقع هنالك من جهتين من اشتراك اسم اليد ومن اشتراك حرف إلى وهنا من قبل اشتراك حرف إلى فقط وقد اختلفوا في الكعب ما هو وذلك لاشتراك اسم الكعب واختلاف أهل اللغة في دلالته فقيل هما العظمان اللذان عند معقد الشراك وقيل هما العظمان الناتئان في طرف الساق ولا خلاف فيما أحسب في دخولهما في الغسل عند من يرى أنهما عند معقد الشراك إذ كانا جزءا من القدم لذلك قال قوم: إنه إذا كان الحد من جنس المحدود دخلت الغاية فيه: أعني الشيء الذي يدل عليه حرف إلى وإذا لم يكن من جنس المحدود لم يدخل فيه مثل قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} .
المسألة الحادية عشرة من الشروط : اختلفوا في وجوب ترتيب أفعال الوضوء على نسق الآية فقال قوم: هو سنة وهو الذي حكاه المتأخرون

الصفحة 16