كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

اختلافهم في صحة الآثار الواردة عنه عليه الصلاة والسلام أنه مسح على الجوربين والنعلين. واختلافهم أيضا في هل يقاس على الخف غيره أم هي عبادة لا يقاس عليها ولا يتعدى بها محلها فمن لم يصح عنده الحديث أو لم يبلغه ولم ير القياس على الخف قصر المسح عليه ومن صح عنده الأثر أو لصاحب القياس على الخف أجاز المسح على الجوربين وهذا الأثر لم يخرجه الشيخان أعني البخاري ومسلم وصححه الترمذي ولتردد الجوربين المجلدين بين الخف والجورب غير المجلد عن مالك في المسح عليهما روايتان: إحداهما بالمنع والأخرى بالجواز.
المسألة الرابعة : وأما صفة الخف فإنهم اتفقوا على جواز المسح على الخف الصحيح واختلفوا في المخرق فقال مالك وأصحابه: يمسح عليه إذا كان الخرق يسيرا أقل من ثلاثة أصابع. وقال قوم بجواز المسح على الخف المنخرق ما دام يسمى خفا وإن تفاحش خرقه وممن روي عنه ذلك الثوري ومنع الشافعي أن يكون في مقدم الخف خرق يظهر منه القدم ولو كان يسيرا في أحد القولين عنه. وسبب اختلافهم في ذلك اختلافهم في انتقال الفرض من الغسل إلى المسح هل هو لموضع الستر أعني ستر خف القدمين أم هو لموضع المشقة في نوع الخفين؟ فمن رآه لموضع الستر لم يجز المسح على الخف المنخرق لأنه إذا انكشف من القدم شيء انتقل فرضها من المسح إلى الغسل ومن رأى أن العلة في ذلك المشقة لم يعتبر الخرق ما دام يسمى خفا. وأما التفريق بين الخرق الكثير واليسير فاستحسان ورفع للحرج. وقال الثوري: كانت خفاف المهاجرين والأنصار لا تسلم من الخروق كخفاف الناس فلو كان في ذلك حظر لورد ونقل عنهم. قلت: هذه المسألة هي مسكوت عنها فلو كان فيها حكم مع عموم الابتلاء به لبينه صلى الله عليه وسلم وقد قال تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} .
المسألة الخامسة : وأما التوقيت فإن الفقهاء أيضا اختلفوا فيه فرأى مالك أن ذلك غير مؤقت وأن لابس الخفين يمسح عليهما ما لم ينزعهما أو تصيبه

الصفحة 20