جنابة وذهب أبو حنيفة والشافعي إلى أن ذلك مؤقت. والسبب في اختلافهم اختلاف الآثار في ذلك وذلك أنه ورد في ذلك ثلاثة أحاديث: أحدها حديث علي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم. خرجه مسلم. والثاني حديث أبي بن عمارة أنه قال يا رسول الله أأمسح على الخف ؟ قال: "نعم" قال: يوما ؟ قال: "نعم" ويومين ؟ قال: "نعم" قال: وثلاثة ؟ قال: "نعم" حتى بلغ سبعا ثم قال: "امسح ما بدا لك" خرجه أبو داود والطحاوي. والثالث حديث صفوان بن عسال قال: كنا في سفر فأمرنا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ولكن من بول أو نوم أو غائط1. قلت: أما حديث علي فصحيح خرجه مسلم. وأما حديث أبي بن عمارة فقال فيه أبو عمر بن عبد البر إنه حديث لا يثبت وليس له إسناد قائم ولذلك ليس ينبغي أن يعارض به حديث علي. وأما حديث صفوان بن عسال فهو وإن كان لم يخرجه البخاري ولا مسلم فإنه قد صححه قوم من أهل العلم بحديث الترمذي وأبو محمد بن حزم وهو بظاهره معارض بدليل الخطاب لحديث أبي كحديث علي وقد يحتمل أن يجمع بينهما بأن يقال: إن حديث صفوان وحديث علي خرجا مخرجا السؤال عن التوقيت وحديث أبي بن عمارة نص في ترك التوقيت لكن حديث أبي لم يثبت بعد فعلى هذا يجب العمل بحديثي علي وصفوان وهو الأظهر إلا أن دليل الخطاب فيهما يعارضه القياس وهو كون التوقيت غير مؤثر في نقض الطهارة لأن النواقض هي الأحداث.
المسألة السادسة : وأما شرط المسح على الخفين فهو أن تكون الرجلان طاهرتين بطهر الوضوء وذلك شيء مجمع عليه إلا خلافا شاذا. وقد روي عن ابن القاسم عن مالك ذكره ابن لبابة في المنتخب وإنما قال به الأكثر لثبوته في حديث المغيرة وغيره إذا أراد أن ينزع الخف عنه فقال عليه
ـــــــ
1 هكذا رواية الترمذي ورواية النسائي ثلاثة أيام بلياليهن من غائط وبول ونوم إلا من جنابة.