نَجَسٌ} فمن حمل هذا أيضا على ظاهره استثنى من مقتضى ذلك في القياس المشركين ومن أخرجه مخرج الذم لهم طرد قياسه. وأما الآثار فإنها عارضت هذا القياس في الكلب والهر والسباع. أما الكلب فحديث أبي هريرة المتفق على صحته وهو قوله عليه الصلاة والسلام: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه وليغسله سبع مرات" وفي بعض طرقه "أولاهن بالتراب" وفي بعضها "وعفروه الثامنة بالتراب" وأما الهر فما رواه قرة عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "طهور الإناء إذا ولغ فيه الهر أن يغسل مرة أو مرتين" وقرة ثقة عند أهل الحديث. وأما السباع فحديث ابن عمر المتقدم عن أبيه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الماء وما ينوبه من السباع والدواب فقال: "إن كان الماء قلتين لم يحمل خبثا" . وأما تعارض الآثار في هذا الباب فمنها أنه روي عنه أنه سئل صلى الله عليه وسلم عن الحياض التي بين مكة والمدينة تردها الكلاب والسباع فقال: "لها ما حملت في بطونها ولكم ما غبر شرابا وطهورا" ونحو هذا حديث عمر الذي رواه مالك في موطئه وهو قوله: يا صاحب الحوض لا تخبرنا فإنا نرد وترد علينا وحديث أبي قتادة أيضا الذي خرجه مالك أن كبشة سكبت له وضوءا فجاءت هرة لتنشرب منه فأصغى لها الإناء حتى شربت ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات" فاختلف العلماء في تأويل هذه الآثار ووجه جمعها مع القياس المذكور فذهب مالك بالأمر بإراقة سؤر الكلب وغسل الإناء منه إلى أن ذلك عبادة غير معللة وأن الماء الذي يلغ فيه ليس بنجس ولم ير إراقة ما عدا الماء من الأشياء التي يلغ فيها الكلب في المشهور عنه وذلك كما قلنا لمعارضة ذلك القياس له ولأنه ظن أيضا أنه إن فهم منه أن الكلب نجس العين عارضه ظاهر الكتاب وهو قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} يريد أنه لو كان نجس العين لنجس الصيد بمماسته وأيد هذا التأويل بما جاء في غسله من العدد والنجاسات ليس