المفطر بالأكل والشرب وعلى المفطر بالجماع فمن رأى أن شبههما فيه واحد وهو انتهاك حرمة الصوم جعل حكمهما واحدا. ومن رأى أنه وإن كانت الكفارة عقابا لانتهاك الحرمة فإنها أشد مناسبة للجماع منها لغيره وذلك أن العقاب المقصود به الردع قد يوضع لما إليه النفس أميل وهو لها أغلب من الجنايات وإن كانت الجناية متقاربة إذ كان المقصود من ذلك التزام الناس الشرائع وأن يكونوا أخيارا عدولا كما قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} قال هذه الكفارة المغلظة خاصة بالجماع وهذا إذا كان ممن يرى القياس. وأما من لا يرى القياس فأمره بين أنه ليس يعدي حكم الجماع إلى الأكل والشرب. وأما ما روى مالك في الموطأ أن رجلا أفطر في رمضان فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالكفارة المذكورة فليس بحجة لأن قول الراوي فأفطر هو مجمل والمجمل ليس له عموم فيؤخذ به لكن هذا قول على أن الراوي كان يرى أن الكفارة كانت لموضع الإفطار ولولا ذلك لما عبر بهذا اللفظ ولذكر النوع من الفطر الذي أفطر به.
وأما المسألة الثانية : وهو إذا جامع ناسيا لصومه فإن الشافعي وأبا حنيفة يقولان: لا قضاء عليه ولا كفارة. وقال مالك: عليه القضاء دون الكفاءة. وقال أحمد وأهل الظاهر: عليه القضاء والكفارة. وسبب اختلافهم في قضاء الناسي معارضة ظاهر الأثر في ذلك القياس. وأما القياس فهو تشبيه ناسي الصوم بناسي الصلاة فمن شبهه بناسي الصلاة أوجب عليه القضاء كوجوبه بالنص على ناسي الصلاة. وأما الأثر المعارض بظاهره لهذا القياس فهو ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه" وهذا الأثر يشهد به عموم قوله عليه الصلاة والسلام: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" ومن هذا الباب اختلافهم فيمن ظن أن الشمس قد غربت فأفطر ثم ظهرت الشمس بعد ذلك هل عليه قضاء أم لا؟ وذلك أن هذا مخطئ والمخطئ والناسي حكمهما