والحديث منسوخ نسخه حديث جويرية بنت الحارث أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال: "صمت أمس؟" فقالت: لا فقال: "تريدين أن تصومي غدا ؟" قالت: لا قال: "فأفطري" . وأما صيام الدهر فإنه قد ثبت النهي عن ذلك لكن مالكا لم ير بذلك بأسا وعسى رأي النهي في ذلك إنما هو من باب خوف الضعف والمرض. وأما صيام النصف الآخر من شعبان فإن قوما كرهوه وقوما أجازوه فمن كرهوه فلما روي من أنه عليه الصلاة والسلام قال: "لا صوم بعد النصف من شعبان حتى رمضان" ومن أجازه فلما روي عن أم سلمة قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صام شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان ولما روي عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن شعبان برمضان وهذه الآثار خرجها الطحاوي. وأما الركن الثاني وهو النية فلا أعلم أن أحدا لم يشترط النية في صوم التطوع وإنما اختلفوا في وقت النية على ما تقدم. وأما الركن الثالث وهو الإمساك عن المفطرات فهو بعينه الإمساك الواجب في الصوم المفروض والاختلاف الذي هنالك لاحق هاهنا. وأما حكم الإفطار في التطوع فإنهم أجمعوا على أنه ليس على من دخل في صيام تطوع فقطعه لعذر قضاء. واختلفوا إذا قطعه لغير عذر عامدا فأوجب مالك وأبو حنيفة عليه القضاء. وقال الشافعي وجماعة: ليس عليه قضاء. والسبب في اختلافهم اختلاف الآثار في ذلك وذلك أن مالكا روى أن حفصة وعائشة زوجي النبي عليه الصلاة والسلام أصبحتا صائمتين متطوعتين فأهدي لهما طعام فأفطرتا عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقضيا يوما مكانه" وعارض هذا حديث أم هانئ قالت: لما كان يوم الفتح فتح مكة جاءت فاطمة فجلست عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم هانئ عن يمينه قالت: فجاءت الوليدة بإناء فيه شراب فناولته فشرب منه ثم ناول أم هانئ فشربت منه قالت: يا رسول الله لقد أفطرت وكنت صائمة فقال لها عليه الصلاة والسلام: "أكنت تقضين شيئا؟" قالت: لا قال: "فلا يضرك إن كان تطوعا" واحتج الشافعي في هذا المعنى بحديث عائشة أنها قالت: دخل