كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أنا خبأت لك خبئا فقال: "أما إني كنت أريد الصيام ولكن قربيه" وحديث عائشة وحفصة غير مسند. ولاختلافهم أيضا في هذه المسألة سبب آخر وهو تردد الصوم للتطوع بين قياسه على صلاة التطوع أو على حج التطوع وذلك أنهم أجمعوا على أن من دخل في الحج والعمرة متطوعا يخرج منهما أن عليه القضاء. وأجمعوا على أن من خرج من صلاة التطوع فليس عليه قضاء فيما علمت وزعم من قاس الصوم على الصلاة أنه أشبه بالصلاة منه بالحج لأن الحج له حكم خاص في هذا المعنى وهو أنه يلزم المفسد له المسير فيه إلى آخره وإذا أفطر في التطوع ناسيا فالجمهور على أن لا قضاء عليه وقال ابن علية عليه القضاء قياسا على الحج ولعل مالكا حمل حديث أم هانئ على النسيان وحديث أم هانئ خرجه أبو داود وكذلك خرج حديث عائشة بقريب من اللفظ الذي ذكرناه وخرج حديث عائشة وحفصة بعينه.
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الاعتكاف
والاعتكاف مندوب إليه بالشرع واجب بالنذر ولا خلاف في ذلك إلا ما روي عن مالك أنه كره الدخول فيه مخافة أن لا يوفي شرطه وهو في رمضان أكثر منه في غيره وبخاصة في العشر الأواخر منه إذ كان ذلك هو آخر اعتكافه صلى الله عليه وسلم وهو بالجملة يشتمل على عمل مخصوص في موضع مخصوص وفي زمان مخصوص بشروط مخصوصة وتروك مخصوصة. فأما العمل الذي يخصه ففيه قولان: قيل إنه الصلاة وذكر الله وقراءة القرآن لا غير ذلك من أعمال البر والقرب. وهو مذهب ابن القاسم. وقيل جميع أعمال القرب والبر المختصة بالآخرة وهو مذهب ابن وهب فعلى هذا المذهب يشهد الجنائز ويعود المرضى ويدرس العلم وعلى المذهب الأول لا وهذا هو مذهب الثوري والأول هو مذهب الشافعي وأبي حنيفة. وسبب اختلافهم أن ذلك شيء مسكوت عنه أعني أنه ليس فيه حد مشروع بالقول فمن فهم من الاعتكاف حبس النفس على الأفعال المختصة بالمساجد قال: لا يجوز

الصفحة 312