من أراد أن يعتكف يوما واحدا دخل قبل طلوع الفجر وخرج بعد غروبها. وأما مالك فقوله في اليوم والشهر واحد بعينه. وقال زفر والليث: يدخل قبل طلوع الفجر واليوم والشهر عندهما سواء. وفرق أبو ثور بين نذر الليالي والأيام فقال: إذا نذر أن يعتكف عشرة أيام دخل قبل طلوع الفجر وإذا نذر عشر ليال دخل قبل غروبها. وقال الأوزاعي: يدخل في اعتكافه بعد صلاة الصبح. والسبب في اختلافهم معارضة الأقيسة بعضها بعضا ومعارضة الأثر لجميعها وذلك أنه من رأى أن أول الشهر ليله واعتبر الليالي قال: يدخل قبل مغيب الشمس ومن لم يعتبر الليال قال: يدخل قبل الفجر ومن رأى أن اسم اليوم يقع على الليل والنهار معا أوجب إن نذر يوما أن يدخل قبل غروب الشمس ومن رأى أنه إنما ينطلق على النهار أوجب الدخول قبل طلوع الفجر ومن رأى أن اسم اليوم خاص بالنهار واسم الليل بالليل فرق بين أن ينذر أياما أو ليالي. والحق أن اسم اليوم في كلام العرب قد يقال على النهار مفردا وقد يقال على الليل والنهار معا لكن يشبه أن يكون دلالته الأولى إنما هي على النهار ودلالته على الليل بطريق اللزوم. وأما الأثر المخالف لهذه الأقيسة كلها فهو ما خرجه البخاري وغيره من أهل الصحيح عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في رمضان وإذا صلى الغداة دخل مكانه الذي كان يعتكف فيه. وأما وقت خروجه فإن مالكا رأى أن يخرج المعتكف العشر الأواخر من رمضان من المسجد إلى صلاة العيد على جهة الاستحباب وأنه إن خرج بعد غروب الشمس أجزأه. وقال الشافعي وأبو حنيفة بل يخرج بعد غروب الشمس. وقال سحنون وابن الماجشون: إن رجع إلى بيته قبل صلاة العيد فسد اعتكافه. وسبب الاختلاف هل الليلة الباقية هي من حكم العشر أم لا؟ وأما شروطه فثلاثة: النية والصيام وترك مباشرة النساء. أما النية فلا أعلم فيها اختلافا. وأما الصيام فإنهم اختلفوا فيه فذهب مالك وأبو حنيفة وجماعة إلى أنه لا اعتكاف إلا بالصوم. وقال الشافعي: الاعتكاف جائز بغير صوم وبقول مالك قال من الصحابة ابن عمر وابن عباس على خلاف عنه في ذلك وبقول الشافعي قال علي وابن مسعود. والسبب في اختلافهم أن اعتكاف رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما وقع