منها فهذا الجنس ينقسم أولا إلى القول في الأفعال وإلى القول في التروك. وأما الجنس الثالث فهو الذي يتضمن القول في الأحكام فلنبدأ بالأفعال وهذه منها ما تشترك فيه هذه الأربعة الأنواع من النسك أعني أصناف الحج الثلاث والعمرة ومنها ما يختص بواحد واحد منها فلنبدأ من القول فيها بالمشترك ثم نصير إلى ما يخص واحدا واحدا منها فنقول: إن الحج والعمرة أول أفعالهما الفعل الذي يسمى الإحرام.
القول في شروط الإحرام
أولاً: المكان
والإحرام شروطه الأول المكان والزمان أما المكان فهو الذي يسمى مواقيت الحج فلنبدأ بهذا فنقول: إن العلماء بالجملة مجمعون على أن المواقيت التي منها يكون الإحرام أما لأهل المدينة فذو الحليفة وأما لأهل الشام فالجحفة ولأهل نجد قرن وأهل اليمن يلملم لثبوت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر وغيره. واختلفوا في ميقات أهل العراق فقال جمهور فقهاء الأمصار ميقاتهم من ذات عرق. وقال الشافعي والثوري: إن أهلوا من العقيق كان أحب. واختلفوا فيمن أقته لهم فقالت طائفة: عمر بن الخطاب. وقالت طائفة: بل رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي أقت لأهل العراق ذات عرق والعقيق. وروي ذلك من حديث جابر وابن عباس وعائشة وجمهور العلماء على أن من يخطئ هذه وقصده الإحرام فلم يحرم إلا بعدها أن عليه دما وهؤلاء منهم من قال: إن رجع إلى الميقات فأحرم منه سقط عنه الدم ومنهم الشافعي. ومنهم من قال: لا يسقط عنه الدم وإن رجع وبه قال مالك. وقال قوم: ليس عليه دم. وقال آخرون: إن لم يرجع إلى الميقات فسد حجه وأنه يرجع إلى الميقات فيهل منه بعمرة وهذا يذكر في الأحكام. وجمهور العلماء على أن من كان منزله دونهن فميقات إحرامه من منزله. واختلفوا هل الأفضل إحرام الحاج منهن أو من منزله إذا كان منزله خارجا منهن؟ فقال قوم: الأفضل له من منزله والإحرام منها رخصة وبه قال الشافعي وأبو حنيفة والثوري وجماعة. وقال مالك وإسحق وأحمد: إحرامه من المواقيت أفضل وعمدة هؤلاء الأحاديث المتقدمة وأنها السنة التي سنها رسول الله