لأنه مأمور بالإتمام وربما شبهوا الحج في هذا وشبهوا ميقات الزمان بميقات العمرة. فأما مذهب الشافعي فهو مبني على أن من التزم عبادة في وقت نظيرتها انقلبت إلى النظير مثل أن يصوم نذرا في أيام رمضان وهذا الأصل فيه اختلاف في المذهب. وأما العمرة فإن العلماء اتفقوا على جوازها في كل أوقات السنة لأنها كانت في الجاهلية لا تصنع في أيام الحج وهو معنى قوله عليه الصلاة والسلام: "دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة" وقال أبو حنيفة: تجوز في كل السنة إلا يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق فإنها تكره. واختلفوا في تكريرها في السنة الواحدة مرارا فكان مالك يستحب عمرة في كل سنة ويكره وقوع عمرتين عنده وثلاثا في السنة الواحدة. وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا كراهية في ذلك فهذا هو القول في شروط الإحرام الزمانية والمكانية. ويبنغي بعد ذلك أن نصير إلى القول في الإحرام وقبل ذلك ينبغي أن نقول في تروكه ثم نقول بعد ذلك في الأفعال الخاصة بالمحرم إلى حين إحلاله وهي أفعال الحج كلها وتروكه ثم نقول في أحكام الإخلال بالتروك والأفعال ولنبدأ بالتروك.
القول في التروك وهو ما يمنع الإحرام من الأمور المباحة للحلال
والأصل في هذا الباب ما ثبت من حديث مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تلبسوا القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران ولا الورس" فاتفق العلماء على بعض الأحكام الواردة في هذا الحديث واختلفوا في بعضها فمما اتفقوا عليه أنه لا يلبس المحرم قميصا ولا شيئا مما ذكر في هذا الحديث ولا ما كان في معناه من مخيط الثياب وأن هذا مخصوص بالرجال أعني تحريم لبس المخيط وأنه