كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

عن ابن عمر أن ما فوق الذقن من الرأس لا يخمره المحرم وإليه ذهب مالك. وروي عنه أنه إن فعل ذلك ولم ينزعه من مكانه افتدى. وقال الشافعي والثوري وأحمد وأبو داود وأبو ثور يخمر المحرم وجهه إلى الحاجبين. وروي من الصحابة عن عثمان وزيد بن ثابت وجابر وابن عباس وسعد بن أبي وقاص. واختلفوا في لبس القفازين للمرأة فقال: مالك إن لبست المرأة القفازين افتدت ورخص فيه الثوري وهو مروي عن عائشة. والحجة لمالك ما خرجه أبو داود عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن النقاب والقفازين وبعض الرواة يرويه موقوفا عن ابن عمر وصححه بعض رواة الحديث أعني رفعه إلى النبي عليه الصلاة والسلام فهذا هو مشهور اختلافهم واتفاقهم في اللباس وأصل الخلاف في هذا كله اختلافهم في قياس بعض المسكون عنه على المنطوق به واحتمال اللفظ المنطوق به وثبوته أو لا ثبوته وأما الشيء الثاني من المتروكات فهو الطيب وذلك أن العلماء أجمعوا على أن الطيب كله يحرم على المحرم بالحج والعمرة في حال إحرامه. واختلفوا في جوازه للمحرم عند الإحرام قبل أن يحرم لما يبقى من أثره عليه بعد الإحرام فكرهه قوم وأجازه آخرون وممن كرهه مالك ورواه عن عمر بن الخطاب وهو قول عثمان وابن عمر وجماعة من التابعين. وممن أجازه أبو حنيفة والشافعي والثوري وأحمد وداود والحجة لمالك رحمه الله من جهة الأثر حديث صفوان بن يعلى ثبت في الصحيحين وفيه أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بجبة مضمخة بطيب فقال: يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم بعمرة في جبة بعدما تضمخ بطيب؟ فأنزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أفاق قال: "أين السائل عن العمرة آنفا؟ " فالتمس الرجل فأتي به فقال عليه الصلاة والسلام: "أما الطيب الذي بك فاغسله عنك ثلاث مرات وأما الجبة فانزعها ثم اصنع ما شئت في عمرتك كما تصنع في حجتك" اختصرت الحديث وفقهه هو الذي ذكرت. وعمدة الفريق الثاني ما رواه مالك عن عائشة أنها قالت: كنت أطيب رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت واعتل الفريق الأول بما روي عن عائشة أنها قالت: وقد بلغها إنكار

الصفحة 328